responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 404
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَذَرُوا الَّذِيْنَ يُلْحِدُوْنَ فِي أَسْمَائِهِ} أَيْ: لَا تَسْلُكُوا مَسْلَكَهُم وَلَا طَرِيْقَهُم؛ فَإِنَّهُم عَلَى ضَلَالٍ وَعُدْوَانٍ، وَلَيسَ المَعْنَى عَدَمَ مُنَاصَحَتِهِم وَبَيَانِ الحَقِّ لَهُم، إِذْ لَا يُتْرَكُ الظَّالِمُ عَلَى ظُلْمِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ المُرَادَ بِقَوْلِهِ {ذَرُوا} هُوَ التَّهْدِيْدُ لِلمُلْحِدِيْن، أَوِ الإِعْرَاضُ عَنْهُم كَمَا قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَسَائِلِ (تَرَكُ مَنْ عَارَضَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ المُلْحِدِيْنَ).
- (الأَعْمَشُ): هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَهْرَانَ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ، تَابِعِيٌّ مَشْهُوْرٌ، كَانَ رَأْسًا فِي العِلْمِ النَّافِعِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، ثِقَةٌ حَافِظٌ؛ لَكِنَّهُ يُدَلِّسُ (ت 148هـ). (1)
- الإِلْحَادُ فِي أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى: هُوَ المَيْلُ بِهَا عَمَّا يَجِبُ فِيْهَا. وَهُوَ أَنْوَاعٌ سَبَقَ بَيَانُهَا. (2)
- أَنْوَاعُ التَّوَسُّلِ المَشْرُوْعِ:
1) التَّوَسُّلُ بَأَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ: تَقُوْلُ: (يَا رَحْمَنُ ارْحَمْنِي)، (يَا غَفُوْرُ اغْفِرْ لِي) وَهَكَذَا، تَذْكُرُ فِي دُعَائِكَ كُلَّ اسْمٍ يُنَاسِبُ حَاجَتَكَ.
2) التَّوَسُّلُ بِدُعَاءِ الصَّالِحِيْنَ: فَتَأْتِي إِلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَتَقُوْلُ لَهُ: (ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يَغْفِرَ لِي)، وَكَتَوَسُّلِ عُمَرَ بِدُعَاءِ العَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَمَا فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ. (3)
3) التَّوَسُّلُ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَمَا فِي حَدِيْثِ أَصْحَابِ الغَارِ الثَّلَاثَةِ الَّذِيْنَ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ ([4]
وَكَتَوَسُّلِ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِاعْتِرَافِهِم بِخَطَئِهِم وَظُلْمِهِم لِأَنْفُسِهِم {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ) (الأَعْرَاف:23)،
وَكَتَوَسُّلِ المُؤْمِنِيْنَ بِاتِّبَاعِهِم لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيْمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوْبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ} (آل عِمْرَان:193).

(1) الأَعْلَامُ لِلزِّرِكْلِيِّ (135/ 3).
(2) وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ القَوَاعِدِ المُثْلَى، فَلْيُرَاجَعْ.
(3) البُخَارِيُّ (1010). وَسَيَأْتِي الكَلَامُ عَلَى الشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
[4] وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ - كَمَا فِي البُخَارِيِّ (5974) - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ؛ أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِي الجَبَلِ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوْهَا لِلَّهِ صَالِحَةً؛ فَادْعُوا اللهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيْرَانِ وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ؛ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيْهِمَا قَبْلَ وَلَدِي، وَإِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالحِلَابِ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا - أَكْرَهُ أَنْ أُوْقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ - فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ، وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِيْنَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِيْنَارٍ، فَلَقِيْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ، فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ؛ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا، فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً، وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيْرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ؛ فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي؛ فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَظْلِمْنِي وَأَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَهْزَأْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ البَقَرَ وَرَاعِيَهَا فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ. فَفَرَجَ اللهُ عَنْهُمْ).
وَقَوْلُهُ (وَإِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ): أَيْ: اسْتَطْرَدَ مَعَ غَنَمِهِ فِي الرَّعْي إِلَى أَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَانِهِ زِيَادَةً عَلَى العَادَةِ؛ فَلِذَلِكَ أَبْطَأَ عَنْ أَهْلِهِ.
(يَتَضَاغَوْنَ): يَضِجُّوْنَ وَيَصِيْحُوْنَ مِنَ الجُوْعِ.
(وَلَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ): كِنَايَةٌ عَنِ الجِمَاعِ وَالوَطْءِ.
(بِفَرَقِ أَرُزٍّ): الفَرَقُ: إِنَاءٌ يَسَع ثَلَاثَةَ آصُعٍ. وَالصَّاعُ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ المَدِيْنَةِ يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ. وَالمُدُّ مُقَدَّرٌ بِأَنْ يَمُدَّ الرَّجُلُ يَدَيْهِ فَيَمْلَأَ كَفَّيْهِ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست