responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 389
الشَّرْحُ
- مُنَاسَبَةُ هَذَا البَابِ لِكتَابِ التَّوْحِيْدِ ظَاهِرَةٌ؛ وهيَ أَنَّ الهَزَلَ وَالاسْتِهْزَاءَ بِاللهِ أَوْ بِالرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالقُرْآنِ مُنَافٍ لِأَصلِ التَّوْحِيْدِ وَكُفْرٌ مُخْرِجٌ مِنَ المِلَّةِ.
- المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ لَمْ يَذْكُرِ (الدِّيْنَ) فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ (اللهِ أَوِ القُرْآنِ أَوِ الرَّسُوْلِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الهَزْلَ بِالدِّيْنِ فِيْهِ تَفْصِيْلٌ، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الهَزْلَ بِالدِّيْنِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ تَدَيُّنُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ الدِّيْنُ الَّذِيْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ الشَّخْصُ المَذْمُوْمُ.
- قَالَ تَعَالَى: {يَحْذَرُ المُنَافِقُوْنَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُوْرَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوْبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُوْنَ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُوْلُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوْضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُوْلِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُوْنَ، لَا تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِيْنَ، المُنَافِقُوْنَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ بِالمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوْفِ وَيَقْبِضُوْنَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المُنَافِقِيْنَ هُمُ الفَاسِقُوْنَ} (التَّوْبَة:67). (1)
هَذِهِ السُّوَرةُ كَانَتْ تُسَمَّى عِنْدَ الصَّحَابَةِ بِـ (الفَاضِحَةُ)؛ لِأَنَّهَا ذَكَرَتْ المُنَافِقِيْنَ وَعَلَامَاتِهِم وَأَقْوَالَهُم.
- فِي البَابِ ضَرُوْرَةُ مُرَاقَبَةِ الإِنْسَانِ لِلِسَانَهُ، كَمَا فِي أَحَادَيْثَ مِنْهَا:
1) (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ - لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا - يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ - لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا - يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ). (2)
2) (وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوْهِهِمْ - أَو قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ). (3)
- الاسْتِهْزَاءُ بِآيَاتِ اللهِ يَشْمَلُ الآيَاتِ الشَّرْعِيَّةَ كَالقُرْآنِ، وَالآيَاتِ الكَونِيَّةَ كَتَقْدِيْرِ اللهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَ ... الَّتِيْ تَدُلُّ عَلَى صُنْعِ اللهِ تَعَالَى وَتَدْبِيْرِهِ وَحِكْمَتِهِ.
- إِنَّ أَهْلَ التَّوْحِيْدِ لَا يَصْدُرُ مِنْهُم اسْتِهْزَاءٌ أَصْلًا، وَلَو اسْتَهْزَءَوا لَعَلِمْنَا أَنَّهُم غَيْرُ مُعَظِّمِيْنَ للهِ تَعَالَى؛ وَأَنَّ تَوْحِيْدَهُم ذَهَبَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الاسْتِهْزَاءَ يَطْرُدُ التَّعْظِيْمَ. (4)

(1) قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُوْنَ} مَعْنَاهُ: أَنَّهُ تَعَالَى مُخْرِجٌ الكُفْرَ الَّذِيْ تَكْتُمُوْنَهُ وَتُظْهِرُوْنَ خِلَافَهُ نِفَاقًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذِيْنَ فِي قُلُوْبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ} (مُحَمَّد:29).
(2) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6478)، وَمُسْلِمٌ (2988) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
(3) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2616) عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (1122).
(4) قُلْتُ: إِنَّ الاسْتِهْزَاءَ بِشَيْءٍ مِنَ الدِّيْنِ - حَتَّى لَوْ كَانَ صَاحِبُهُ مَازِحًا لَاعِبًا غَيْرَ جَادٍ - هُوَ كُفْرٌ أَكْبَرٌ مُخْرِجٌ عَنِ المِلَّةِ؛ إِلَّا إِنْ كَانَ غَيْرَ فَاهِمٍ وَلَا عَاقِلٍ لِمَا يَقُوْلُ، فَمِثْلُ هَذَا - الأَخِيْرِ - يُعَزَّرُ تَأْدِيْبًا وَرَدْعًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست