responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 387
الشَّرْحُ
- يُوصَفُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِأَنَّهُ الحَاكِمُ وَالحَكَمُ، وَ (الحَكَمُ) اسْمٌ لَهُ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. (1)
- اسْمُ (أَبِي الحَكَمِ) فِيْهِ مُخَالَفَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1) أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الحَكَمُ؛ فَفِيْهِ مُنَازَعَةٌ للهِ تَعَالَى فِي اسْمِهِ وَصِفَتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ (إِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ)، خَاصَّةً أَنَّهَا مَقْرُوْنَةٌ بِأَلِّ التَّعْرِيْفِ الدَّالَّةِ عَلَى الاسْتِغْراقِ. (2)
2) أَنَّ قَوْلَهُم (أَبَا الحَكَمِ) هُنَا يُفِيْدُ عُلُوَّ وَكَمَالَ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَلِيْقُ إِلَّا بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ.
- الكُنْيِةُ مَا صُدِّرَ بَأَبٍ أَوْ أُمٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ ابْنَةٍ وَنَحوِ ذَلِكَ، وَاللَّقَبُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، كَزَينِ العَابِدِيْن وَنَحْوِهِ.
وَتَكُوْنُ الكُنيَةُ لِلمَدْحِ كَمَا فِي هَذَا الحَدِيْثِ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِلذَّمِّ كَأَبِي جَهْلٍ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِمُصَاحَبَةِ الشَّيْءِ مِثْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِمُجَرَّدِ العَلَمِيَّةِ كَأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
- حُكْمُ اللهِ تَعَالَى أَنْوَاعٌ:
1) قَدَرِيٌّ (كَونِيٌّ)، كَمَا فِي قَوْلِ أَخِي يُوْسُفَ {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِيْنَ} (يُوْسُف:80).
2) شَرْعِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ} (الشُّوْرَى:10).
3) جَزَائِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ اليَهُوْدُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُوْدُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُوْنَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيْمَا كَانُوا فِيْهِ يَخْتَلِفُوْنَ} (البَقَرَة:113).
- فِي الحَدِيْثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَهلِ الوَعْظِ وَالإِرْشَادِ وَالنُّصْحِ إِذَا أَغْلَقوا بَابًا مُحَرَّمًا أَنْ يُبَيِّنُوا للنَّاسِ المُبَاحَ مِنْهُ (أَبَا الحَكَمِ - أَبَا شُرَيحٍ).
- أَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ - مِنْ حَيْثُ جَوَازِ التَّسْمِيَةِ -:
1) مَا لَا يَصِحُّ إِلَّا للهِ؛ فَهَذَا لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ سُمِّيَ وَجَبَ تَغْيِيْرُهُ، مِثْلَ: اللهُ، الرَّحْمَنُ، رَبُّ العَالَمِيْن، وَمَا أَشْبَهَ ذَلكَ.
2) مَا يَصِحُّ أَنْ يُوْصَفَ بِهِ غَيْرُ اللهِ، مِثْلَ: الرَّحِيْمُ، السَّمِيْعُ، البَصِيْرُ، فَإِنْ لُوْحِظَتْ الصِّفَةُ مَعَهَا مُنِعَ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُلَاحَظِ الصِّفَةُ جَازَ التَّسَمِّي بِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَمٌ مَحْضٌ. (3)
وَدِلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ اسْمُهُ (الحَكَمُ، وَحَكِيْمٌ) وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ كَمَا غَيَّرَ اسْمَ أَبِي الحَكَمِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّه عَلَمٌ مَحْضٌ. (4)

(1) قَالَهُ الشَّيخُ الفَاضِلُ عَلوي السَّقَّافُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) (ص121).
وَقَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي أَشْرِطَةِ سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّوْرِ (ش13): (يُطْلَقُ عَلَى اللهِ تَعَالَى (الحَاكِمُ) عَلَى سَبِيْلِ الإِخْبَارِ).
(2) قَالَ الشَّيْخُ الفَاضِلُ الفَوْزَانُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (إِعَانَةُ المُسْتَفِيْدِ) (257/ 2): (فَالحَكَمُ- بِالأَلِفِ وَاللَّامِ- لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى اللهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى، أَمَّا أَنْ يُقَالَ: (حَكَمٌ) بِدُوْنِ تَعْرِيْفٍ فَلَا بَأْسَ، فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا يَقُوْلُ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (النِّسَاء:35)).
قُلْتُ: فإنَّ (ألَّـ) التَّعْرِيْفِ هُنَا هِيَ لِلاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا لَا يَكُوْنُ إِلَّا للهِ تَعَالَى، أمَّا مَا كَانَ مُجَرَّدًا مِثَلَ (حَكَم) وَلَمْ تُقَارِنْهَا الصِّفَةُ - وهيَ النِّهَايَةُ فِي الحُكْمِ؛ وَلَيسَ مُجَرَّدَ الحُكْمِ - فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَتْ مُحَلَّاةً بِـ (ألَّـ) التَّعْرِيْفِ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ العَهْدِ فَإِنَّهَا صَحِيْحَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيْقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ} (البَقَرَة:188).
(3) أَفَادَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (261/ 2).
وَقَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (تُحْفَةُ المَوْدُوْدِ) (127): (وَأَمَّا الأَسْمَاءُ الَّتِيْ تُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ - كَالسَّميْعِ وَالبَصِيْرِ وَالرَّؤُوْفِ وَالرَّحِيْمِ - فَيَجُوْزُ أَنْ يُخْبَرَ بِمَعَانِيْهَا عَنِ المَخْلُوْقِ، وَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَتَسَمَّى بِهَا عَلَى الإِطْلَاقِ؛ بِحَيثُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى).
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ البُخَارِيِّ (68/ 7): (وَأَمَّا الرَّبُّ فَهِيَ كَلِمَةٌ - وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرِكَةً؛ وَتَقَعُ عَلَى غَيْرِ الخَالِقِ لِقَوْلِهِمْ (رَبُّ الدَّابَّةِ وَرَبُّ الدَّارِ) وَيُرَادُ صَاحِبُهَا - فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ تَخْتَصُّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الأَغْلَبِ وَالأَكْثَرِ، فَوَجَبَ أَلَّا يُسْتَعْمَلَ فِي المَخْلُوْقِيْنَ؛ لِنَفْيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوْزُ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ غَيْرِ اللهِ (إلَهٌ) وَلَا (رَحْمَنٌ)، وَيَجُوْزُ أَنْ يُقَالَ (رَحِيْمٌ) لِاخْتِصَاصِ اللهِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ، فَكَذَلِكَ الرَّبُّ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ اللهِ).
(4) كالحَكَمِ بْنِ الحَارثِ السُّلَمِيِّ, وَالحَكَمِ بْنِ سَعِيْدٍ بْنِ العَاصِ, وَالحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ, وَكَحَكِيْمِ بْنِ حِزَامٍ, وَحَكِيْمِ بْنِ الحَارِثِ الطَّائِفِيِّ, وَحَكِيْمِ بْنِ طَليْقٍ الأُمَوِيِّ, وَغَيْرِهِم رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. انْظُرِ كِتَابَ (الإِصَابَةُ) (86/ 2) لِابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست