responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 378
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) يُشْكِلُ جَوَازُ العَطْفِ فِي حَدِيْثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - الَّذِيْ فِيْهِ قولُهُم (اللهُ وَرَسُوْلُهُ أعلمُ) - مَعَ حَدِيْثِ (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَاءَ اللهُ وشِئْتَ. فَقَالَ: (جَعَلتَ للهِ نِدًّا؟ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ)) ([1]
الجَوَابُ: إِنَّ إِقْرَارَهُ لِقَوْلِهِم (اللهُ وَرَسُوْلَهُ أَعْلَمُ) الَّذِيْ فِيْهِ العَطْفُ بِالوَاوِ، هُوَ لِأَنَّ عِلْمَ الرَّسُوْلِ هَذَا - الشَّرْعِيَّ - هُوَ مِنْ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ الَّذِيْ يُعلِّمُهُ مَا لَا يُدْرِكُهُ البَشَرُ.
وَكَذَلِكَ فِي المَسَائِلِ الشَّرْعيَّةِ الأُخْرَى يُقَالُ: (اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ الخَلْقِ بِشَرْعِ اللهِ، وَعِلْمُهُ بِهِ هُوَ مِنْ تَعْلِيْمِ اللهِ تَعَالَى لَهُ، وَمَا قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ كَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ: (مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ)، لِأَنَّ هَذَا فِي بَابِ القَدَرِ وَالمَشِيْئَةِ، وَمَشِيْئَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقِلَّةٌ عَنْ مَشِيْئَتِهِ تَعَالَى، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْرُوْنًا مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ [2]، بَلْ يُقَالُ: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُعْطَفُ بِـ (ثُمَّ)، فَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الأُمُوْرَ الشَّرْعِيَّةَ يَصِحُّ فِيْهَا العَطْفُ بِالوَاوِ، وَأَمَّا الكَوْنِيَّةَ، فَلَا. [3] [4] (5)

[1] صَحِيْحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (783) عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ. الصَّحِيْحَةُ (139).
وَكَمَا فِي حَدِيْثِ قُتَيْلَةَ؛ أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُشْرِكُوْنَ، تَقُوْلُوْنَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ! وَتَقُوْلُوْنَ: وَالكَعْبَةِ! فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُوْلُوا: وَرَبِّ الكَعْبَةِ، وَأَنْ يَقُوْلُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ). صَحِيْحٌ. النَّسَائِيُّ (3773). الصَّحِيْحَةُ (136).
[2] كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا تَشَاءُوْنَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيْمًا حَكِيْمًا} (الإِنْسَان:30).
[3] وَمِنَ الخَطَأِ أَيْضًا مَنْ يَكْتُبُ عَلَى بَعْضِ الأَعْمَالِ {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْلُهُ} (التَّوْبَة:105) بَعْدَ مَوْتِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعَذُّرِ رُؤْيَتِهِ، فَاللهُ يَرَى؛ وَلَكِنَّ رَسُوْلَهُ لَا يَرَى! فَلَا تَجُوْزُ كِتَابَتُهُ - بِهَذَا القَصْدِ - لِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[4] وَبِمِثْلِهِ أَيْضًا الجَوَابُ عَنْ حَدِيْثِ (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) وَالَّذِيْ فِيْهِ الهِجْرَةُ (إِلى اللهِ وَرَسُوْلِهِ) وَلَمْ يَقُلْ: (ثُمَّ رَسُوْلِهِ)، وَالجَوَابُ فِيْهِ أَيْضًا: إِنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِيْعَةِ يَصِحُّ أَنْ يُعبَّرَ عَنْهُ بِالوَاوِ، لِأَنَّ مَا صَدَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرْعِ إِنَّمَا هُوَ بِأَمْرِ رَبِّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَسُوْلَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} (النِّسَاء:80)، وَأَمَّا الأُمُوْرُ الكَوْنِيَّةُ - كَالمَشِيْئَةِ مَثَلًا - فَإِنَّهُ لَا يَجُوْزُ أَنْ يُقْرَنَ مَعَ اللهِ أَحَدٌ بِالوَاوِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ مَشِيْئَةَ العَبْدِ مُسْتَقِلَّةٌ عَنْ مَشِيْئَةِ اللهِ، وَلَكِنَّهَا لَا تَقَعُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَشَاءَ اللهُ، فَكُلُّ شَيْءٍ تَحْتَ إِرَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَمَشِيْئَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُوْنَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِيْنَ} (التَّكْوِيْر:29).
(5) مُلَاحَظَةٌ: لِتَمَامِ الفَائِدَةِ رَاجِعْ مَسَائِلَ بَابِ (مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست