responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 376
الشَّرْحُ
- هَذَا البَابُ هُوَ فِي بَيَانِ نَوعٍ مِنْ شِرْكِ الأَلفاظِ؛ وَأَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي بَعْضِهَا [1] بِالوَاوِ دُوْنَ - ثُمَّ - يُعَدُّ شِرْكًا لَفظِيًّا.
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيْثِ أَنَّ قَولَ الرَّجُلِ لِغَيْرهِ (مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ) يُعَدُّ شِرْكًا فِي الشَّرِيْعَةِ, وَهُوَ مِنْ شِرْكِ الأَلفَاظِ, لِأَنَّهُ يُوْهِمُ أَنَّ مَشِيْئَةَ العَبْدِ فِي دَرَجَةِ مَشيئَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وَسَبَبُهُ القَرْنُ بَيْنَ المَشيئَتَيْنِ, وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ العَامَّةِ وأَشْبَاهِهِم - مِمَّنْ يَدعي العِلْمَ -: (مَالِي غَيْرُ اللهِ وَأَنْتَ) وَ (تَوَكَّلْنَا عَلى اللهِ وَعَلَيْكَ) , وَمِثْلُهُ قَوْلُ بَعْضِ المُحَاضِرِيْنَ: (بَاسْمِ اللهِ وَالوَطَنِ) , أَوْ (بَاسْمِ اللهِ وَالشَّعْبِ) , وَنَحوِ ذَلِكَ مِنَ الأَلْفَاظِ الشِّرْكِيَّةِ الَّتِيْ يَجِبُ الانْتِهَاءُ عَنْهَا وَالتَّوبَةُ مِنْهَا أَدَبًا مَعَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَلَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذا الأَدَبِ الكَرِيْمِ كَثِيْرٌ مِنَ العَامَّةِ وَغَيْرُ قَلِيْلٍ مِنَ الخَاصَّةِ الَّذِيْنَ يُسَوِّغُونَ النُّطْقَ بِمِثْلِ هَذهِ الشِّرْكِيَّاتِ! كَمُنَادَاتِهِم غَيْرَ اللهِ فِي الشَّدَائِدِ! والاسْتِنْجَادَ بِالأَمْوَاتِ مِنَ الصَّالِحِيْنَ! وَالحَلِفَ بِهِم مِنْ دُوْنِ اللهِ تَعَالَى! وَالإِقْسَامَ بِهِم عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ! فَإِذَا مَا أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِم عَالِمٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنهَّمُ بَدَلَ أَنْ يَكُوْنُوا عَوْنًا عَلَى إِنْكَارِ المُنْكَرِ, عَادُوا بِالإِنْكَارِ عَلَيْهِ, وَقَالُوا: إِنَّ نِيَّةَ أُوْلَئِكَ - المُنَادِيْنَ غَيْرَ اللهِ - طَيِّبَةٌ؛ وَإِنَّهَا (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ!!) كَمَا جَاءَ فِي الحِدِيْثِ.
فَيَجْهَلُوْنَ أَوْ يَتَجَاهَلُوْنَ - إِرْضَاءً لِلعَامَّةِ - أَنَّ النِّيَّةَ الطَّيِّبَةَ - وَإِنْ وُجِدَتْ عِنْدَ المَذْكُوْرِيْنَ - فَهيَ لَا تَجْعَلُ العَمَلَ السَيِّئَ صَالِحًا, وَأَنَّ مَعْنَى الحَدِيْثِ المَذْكُوْرِ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ بِالنِّيَّاتِ الخَالِصَةِ, لَا أَنَّ الأَعْمَالَ المُخَالِفَةَ لِلشَّرِيْعَةِ تَنْقَلُب إِلَى أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ مَشْرُوْعَةٍ بِسَبَبِ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ بِهَا! ذَلِكَ مَا لَا يَقُوْلُهُ إِلَّا جَاهِلٌ أَو مُغْرِضٌ, أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَو صَلَّى تُجَاهَ القَبْرِ؛ لَكَانَ ذَلكَ مُنْكَرًا مِنَ العَمَلِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِلأَحَادِيْثِ وَالآثَارِ الوَارِدَةِ فِي النَّهْي عَنِ اسْتِقْبَالِ القَبْرِ بِالصَّلَاةِ, فَهَلْ يَقُوْلُ عَاقِلٌ: إِنَّ الَّذِيْ يَعُوْدُ إِلَى الاسْتِقْبَالِ - بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَهي الشَّرْعِ عَنْهُ - إِنَّ نِيَّتَهُ طَيِّبَةٌ وَعَمَلُهُ مَشْرُوْعٌ؟! كَلَّا ثُمَّ كَلَّا, فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِيْ يَسْتَغِيْثُونَ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى, وَيَنْسَوْنَهُ تَعَالَى فِي حَالَةٍ - هُمْ أَحْوَجُ مَا يَكُوْنُوْنَ فِيْهَا إِلَى عَوْنِهِ وَمَدَدِهِ - لَا يُعْقَلُ أَنْ تَكُوْنَ نِيَّاتُهُم طَيِّبَةً؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ عَمَلُهُم صَالِحًا, وَهُمْ يُصِرُّوْنَ عَلَى هَذا المُنْكَرِ - وَهُمْ يَعْلَمُوْنَ -). (2)
- قَوْلُهُ (فَلَا تَقُوْلُوا مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ): لِأَنَّ فِيْهِ تَسْوِيَةً فِي المَشِيْئَةِ، وَقَرِيْبٌ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ المُشْرِكِيْنَ {قَالُوا وَهُمْ فِيْهَا يَخْتَصِمُوْنَ، تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِيْنٍ، إِذْ نُسَوِّيْكُمْ بِرَبِّ العَالَمِيْنَ} (الشُّعَرَاء:98).

[1] احْتِرَازًا مِنْ كُلٍّ، كَمَا سَيَأْتِي فِي المَسَائِلِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(2) الصَّحِيْحَةُ (139).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست