responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 374
الشَّرْحُ
- الرِّضَى عِنْدَ مَنْ حُلِفَ لَهُ باللهِ يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيْمِ المَحْلُوفِ بِهِ، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: (رَأَى عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ: أَسَرَقْتَ؟! قَالَ: كَلَّا؛ وَاللَّهِ الَّذِيْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِي). (1)
- قَوْلُهُ (مَنْ حُلِفَ لَهُ باللهِ فَلْيَرْضَ): لَهُ جِهَتَانِ:
1) مِنْ جِهَةٍ شَرعِيَّةٍ: يَجِبُ القَبُوْلُ لِأَنَّه مِنَ الرِّضَى بالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَخَاصَّةً عِنْدَ القَاضِي.
وَلَعَلَّ هَذَا الوَجهَ هُوَ المَقْصُوْدُ مِنَ البَابِ لِقَوْلِهِ (مَا جَاءَ فِيْمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِالحَلِفِ بِاللَّهِ) فَمَطْلُوبُهُ إِظْهَارُ القَنَاعَةِ؛ وَهُوَ دَلِيْلُ تَعْظِيْمِ المَحْلُوْفِ بِهِ. (2)
2) مِنْ جِهَةٍ حِسِّيَّةٍ: إِنْ كَانَ الحَالِفُ مَوْضِعَ ثِقَةٍ؛ فَيَجِبُ الرِّضَى، وَإلَّا فَلَا يَجِبُ كَمَا لَو كَانَ كَافِرًا أَوْ مَعْرُوْفًا بِكَذِبِهِ. (3)
- قَوْلُهُ (وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ): أَيْ: فَقَدْ بَرِءَ اللهُ مِنْهُ، أَوْ فَقَدْ بَرِءَ هُوَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ حِزِبَ اللهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا الفِعْلَ مِنَ الكَبَائِرِ. (4)

(1) البُخَارِيُّ (3444)، وَمُسْلِمٌ (2368).
(2) وَلَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ إِنْ تَرَجَّحَ كَذِبُهُ عِنْدَهُ.
(3) كَمَا فِي البُخَارِيِّ (6898)، وَمُسْلِمٍ (1669) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ؛ قَالَ: (انْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُوْدِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ - وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ - فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيْلًا فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ المَدِيْنَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُوْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: (كَبِّرْ كَبِّرْ) - وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ - فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَا فَقَالَ: (تَحْلِفُوْنَ؛ وَتَسْتَحِقُّوْنَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ)، قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟! قَالَ: (فَتُبْرِيْكُمْ يَهُوْدُ بِخَمْسِيْنَ)، فَقَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟! فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ). والشَّاهِدُ أنَّهم لَمْ يَقْبَلوا بِأَيمَانِ اليَهُوْدِ.
(4) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ في التَّفْسِيْرِ (30/ 2) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُوْنَ الكَافِرِيْنَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِ المُؤْمِنِيْنَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ المَصِيْرُ} (آلِ عِمْرَان:28): (نَهَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يُوَالُوا الكَافِرِيْنَ؛ وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ يُسِرُّوْنَ إِلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ مِنْ دُوْنِ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ} أَيْ: وَمَنْ يَرْتَكِبْ نَهْيَ اللهِ فِي هَذَا، فَقَدْ بَرِءَ مِنَ اللهِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست