responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 366
- أَرْكَاُنُ الشُّكْرِ:
1) الاعْتِرَافُ بِالنِّعْمَةِ.
2) نِسْبَتُهَا إِلَى المُنْعِمِ، وَذَلِكَ بِالتَّحَدُّثِ بِهَا ظَاهِرًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضُّحَى:11).
3) صَرْفُهَا فِي طَاعَتِهِ تَعَالَى. (1)
- إنَّ نِسْبَةَ النِّعْمَةِ إِلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى- لَفْظًا - لَهُ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ:
1) أَنْ يَكُوْنَ السَّبَبُ خَفِيًّا لَا تَأْثِيْرَ لَهُ إِطْلَاقًا؛ كَأنْ يَقُوْلَ: لَوْلَا الوَلِيُّ الفُلَانيُّ - المَيِّتُ أَوِ الغَائِبُ - مَا حَصَلَ كَذَا وَكَذَا! فَهَذَا شِرْكٌ أَكْبَرٌ؛ لِأَنَّه بِهَذَا القَوْلِ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِهَذَا الوَلِيِّ تَصَرُّفًا فِي الكَوْنِ مَعَ أَنَّهُ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ، فَهُوَ تَصَرُّفٌ خَفِيٌّ.
2) أَنْ يُضِيْفَهُ إِلَى سَبَبٍ صَحِيْحٍ ثَابِتٍ شَرْعًا أَوْ حِسًّا؛ فَهَذَا جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ السَّبَبَ مُؤَثِرٌ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَتَنَاسَى المُنْعِمَ بِذلِكَ.
3) أَنْ يُضِيْفَهُ إِلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ؛ لَكِن لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ سَبَبًا لَا شَرْعًا وَلَا حِسًّا؛ فَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ الأَصْغَرِ. (2)
- فِي بَيَانِ قُبْحِ وبُطْلَانِ مَنْ أَضَافَ النِّعْمَةَ إِلَى السَّبَبِ دُوْنَ الخَالِقِ:
1) أَنَّ الخَالِقَ لِهَذهِ الأَسْبَابِ هُوَ اللهُ تَعَالَى، فَكَانَ الوَاجِبُ أَنْ يُشْكَرَ وتُضَافَ النِّعْمَةُ إِلَيْهِ.
2) أَنَّ السَّبَبَ قَدْ لَا يُؤَثِّرُ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا، وَلَكِنَّ السَّنَةَ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيْئًا). (3)
3) أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَكُوْنُ لَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَأْثِيْرِهِ. (4)

(1) قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (مَدَارِجُ السَّالِكِيْنَ) (234/ 2): (وَأَصْلُ الشُّكْرِ فِي وَضْعِ اللِّسَانِ: ظُهُوْرُ أَثَرِ الغِذَاءِ فِي أَبْدَانِ الحَيَوَانِ ظُهُوْرًا بَيِّنًا. يُقَالُ: شَكِرَتِ الدَّابَّةُ؛ تَشْكَرُ شَكَرًا - عَلَى وَزْنِ سَمِنَتْ تَسْمَنُ سِمَنًا - إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهَا أَثَرُ العَلَفِ، وَدَابَّةٌ شَكُوْرٌ: إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهَا مِنَ السِّمَنِ فَوْقَ مَا تَأْكُلُ وَتُعْطَى مِنَ العَلَفِ.
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (حَتَّى إِنَّ الدَّوَابَّ لَتَشْكَرُ مِنْ لُحُومِهِمْ) أَيْ لَتَسَمَنُ مِنْ كَثْرَةِ مَا تَأْكُلُ مِنْهَا.
وَكَذَلِكَ حَقِيْقَتُهُ فِي العُبُودِيَّةِ: وَهُوَ ظُهُوْرُ أَثَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَعَلَى قَلْبِهِ شُهُوْدًا وَمَحَبَّةً، وَعَلَى جَوَارِحِهِ انْقِيَادًا وَطَاعَةً.
وَالشُّكْرُ مَبْنِيٌ عَلَى خَمْسِ قَوَاعِدَ: خُضُوْعُ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ، وَحُبُّهُ لَهُ، وَاعْتِرَافُهُ بِنِعْمَتِهِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِهَا، وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا فِيمَا يَكْرَهُ).
قُلْتُ: وَالحَدِيْثُ المَذْكُوْرُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (3153)، وَلَمْ أَجِدْ لَفْظَهُ فِي مُسْلِمٍ - إِلَّا أنْ يَكُوْنَ المَقْصُوْدُ أَصْلَهُ -، وَأَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (8501) وَقَالَ: (هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ).
وَالحَدِيْثُ المَذْكُوْرُ هُوَ فِي حَقِّ يَأْجُوْجَ وَمَأْجُوْجَ عِنْدَ مَوْتِهِم؛ حَيْثُ تَأْكُلُ دَوَابُّ الأَرْضِ مِنْ جُثَثِهِم.
(2) وَذَلِكَ مِثْلُ التَّمَائِمِ وَالقَلَائِدِ الَّتِيْ يُقَالُ أَنَّهَا تَمْنَعُ العَيْنَ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَكَانَ مُشَابِهًا لِلمُشْرِكِيْنَ فِي صَنِيْعِهِم وَتَعَلُّقِهِم بِهَا.
وَمِثْلُهُ أَيْضًا زَعْمُ نُزُوْلِ المَطَرِ بِسَبَبِ حَرَكَاتِ النُّجُوْمِ وأَمْثَالِهَا، حَيْثُ جَاءَ فِيْهِ (أَصْبَحَ مِنْ عِبَادي مُؤْمِنٌ بي وَكَافِرٌ). وَقَدْ سَبَقَ فِي (بَابِ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ).
(3) مُسْلِمٌ (2904) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
(4) قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ السَّدِيْدُ) (ص42) - وَقَدْ سَبَقَ -: أَحْكَامُ الأَسْبَابِ؛ ثَلَاثَةُ أُمُوْرٍ:
1) أَنْ لَا يَجْعَلَ مِنْهَا سَبَبًا إِلَّا مَا ثَبَتَ أَنَّه سَبَبٌ شَرْعًا أَوْ قَدَرًا.
2) أَنْ لَا يَعْتَمِدَ العَبْدُ عَلَيْهَا، بَلْ يَعْتَمِدُ عَلَى مُسَبِّبِهَا وَمُقَدِّرِهَا، مَعَ قِيَامِهِ بِالمَشْرُوْعِ مِنْهَا، وَحِرْصِهِ عَلَى النَّافِعِ مِنْهَا.
3) أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الأَسْبَابَ مُرْتَبِطَةٌ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، وَاللهُ تَعَالَى يَتَصَرَّفُ فِيْهَا كَيْفَ يَشَاءُ؛ إِنْ شَاءَ أَبْقَى سَبَبِيَّتَها جَارِيَةً، وَإِنْ شَاءَ غَيَّرَهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَفِي هَذَا فَائِدَةٌ عَظِيْمَةٌ لِلعِبَادِ فِي أَنْ لَا يَعْتَمِدوا عَلَيْهَا، وَلِيَعْلَمُوا كَمَالَ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست