responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 347
3) صِفَاتُ اللهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: ثُبُوْتِيَّةٍ، وَسَلْبِيَّةٍ:
فَالثُبُوْتِيَّةُ: مَا أَثْبَتَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ لَا نَقْصَ فِيْهَا بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوْهِ، كَالحَيَاةِ وَالعِلْمِ وَالقُدْرَةِ وَالاسْتِوَاءِ عَلَى العَرْشِ وَالنُّزُوْلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالوَجْهِ وَاليَدِيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ: مَا نَفَاهَا اللهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّهَا صِفَاتُ نَقْصٍ فِي حقِّهِ كَالمَوْتِ، وَالنَّوْمِ، وَالجَهْلِ، وَالنِّسْيَانِ، وَالعَجْزِ، وَالتَّعَبِ.
فَيَجِبُ نَفْيُهَا عَنِ اللهِ تَعَالَى مَعَ إِثْبَاتِ ضِدِّهَا عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا نَفَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ فَالمُرَادُ بِهِ بَيَانُ انْتِفَائِهِ لِثُبُوْتِ كَمَالِ ضِدِّهِ، لَا لِمُجَرَّدِ نَفْيهِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ بِكَمَالٍ؛ إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ مَا يَدُلُّ عَلَى الكَمَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْيَ عَدَمٌ، وَالعَدَمُ لَيْسَ بشَيْءٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ كَمَالًا.
مِثَالُ ذَلِكَ: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِيْ لَا يَمُوْتُ} (الفُرْقَان:58)، فَنَفْيُ المَوْتِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ حَيَاتِهِ.
مِثَالٌ ثَانٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (الكَهْف:49)، فَنَفْيُ الظُلْمِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ عَدْلِهِ.
مِثَالٌ ثَالِثٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ} (فَاطِر:44)، فَنَفْيُ العَجْزِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: {إِنَّهُ كَانَ عَلِيْمًا قَدِيْرًا}. لِأَنَّ العَجْزَ سَببُهُ إِمَّا الجَهْلُ بِأَسْبَابِ الإِيْجَادِ، وَإِمَّا قُصُوْرُ القُدْرَةِ عَنْهُنَّ، فَلِكَمَالِ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِيُعْجِزَهُ شَيْءٌ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ. (1)
4) الصِّفَاتُ الثُّبُوْتِيَّةُ صِفَاتُ مَدْحٍ وَكَمَالٍ، فَكُلَّمَا كَثُرَتْ وَتَنَوَّعَتْ دِلَالَتُهَا ظَهَرَ مِنْ كَمَالِ المَوْصُوْفِ بِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ.
وَلِهَذَا كَانَتِ الصِّفَاتُ الثُّبُوْتِيَّةُ الَّتِيْ أَخْبَرَ اللهُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَكْثَرَ بِكَثِيْرٍ مِنَ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ - كَمَا هُوَ مَعْلُوْمٌ -.
أَمَّا الصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ فَلَمْ تُذْكَرْ غَالِبًا إِلَّا فِي الأَحْوَالِ التَّالِيَةِ:
الأُوْلَى) بَيَانُ عُمُوْمِ كَمَالِهِ تَعَالَى، كَمَا فِي قَوْلِهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشُّوْرَى:11)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (الإِخْلَاص:4).
الثَّانِيَةُ) نَفْيُ مَا ادَّعَاهُ فِي حَقِّهِ الكَاذِبُوْنَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} (مَرْيَم:92).
الثَّالِثَةُ) دَفْعُ تَوَهُّمِ نَقْصٍ مِنْ كَمَالِ اللهِ تَعَالَى فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ مُعَيَّنٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِيْنَ} (الدُّخَان:38)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوْبٍ} (ق:38). (2)

(1) فَائِدَة) الصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ عِنْدَ الأَشَاعِرَةِ هِيَ الَّتِيْ تَسْلِبُ عَنِ اللهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيْقُ بِهِ، وَهِيَ خَمْسُ صِفَاتٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِم وَهِيَ (البَقَاءُ، القِدَمُ، مُخَالَفَتُهُ لِلحَوَادِثِ، قِيَامُهُ بِنَفْسِهِ، الوَحْدَانِيَّةُ).
(2) قُلْتُ: وَالدَّلِيْلُ هَذَا صَالِحٌ لِلحَالَيْنِ الأَخِيْرَيْنِ، كَمَا فِي تَفْسِيْرِ ابْنِ كَثِيْرٍ (409/ 7) رَحِمَهُ اللهُ: (وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَتِ اليَهُوْدُ - عَلَيْهِم لَعَائِنُ اللهِ -: خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَرَاحَ فِي اليَوْمِ السَّابِعِ - وَهُوَ يَوْمُ السَّبْتِ -، وَهُم يُسَمُّوْنَهُ يَوْمَ الرَّاحَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى تَكْذِيْبَهُم فِيْمَا قَالُوْهُ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست