responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 3
المُلْحَقُ الأَوَّلُ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيْدِ) مَقَدِّمَةٌ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيْدِ
- التَّوْحِيْدُ: هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ وَاحِدًا. (1)
- التَّوْحِيْدُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ مَجْمُوْعَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (مَرْيَم:65). (2)
وَهَذِهِ الأَنْوَاعُ هِيَ:
1) تَوْحِيْدُ الرُّبُوْبِيَّةِ: وَمَعْنَاهُ تَوْحِيْدُ اللهِ بِأَفْعَالِهِ, وَأُصُوْلُهَا: الخَلْقُ وَالمُلْكُ وَالتَّدْبِيْرُ.
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُوْلُوْنَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُوْنَ، فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُوْنَ} (يُوْنُس:32). (3)
2) تَوْحِيْدُ الأُلُوْهِيَّةِ [4] (أَوْ تَوْحِيْدُ العِبَادَةِ) [5]: وَمَعْنَاهُ جَعْلُ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ.
قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيْرُ} (لُقْمَان:30).
وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوْمًا مَخْذُوْلًا} (الإِسْرَاء:22).
وَإِنَّ تَحْقِيْقَ الإِيْمَانِ بِاللهِ تَعَالَى يَكُوْنُ بِإِفْرَادِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ بِالعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةً وَدُعَاءً وَذَبْحٍ وَنَذْرٍ وَتَوَكُّلٍ وَرَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَ .... ، فَمَنْ صَرَفَ شَيْئًا مِنْهَا لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ سُبْحَانَهُ.
وَإِنَّ المُشْرِكِيْنَ الأَوَائِلَ لَمْ يَكُنْ شِرْكُهُم هُوَ بِاعْتِقَادِ خَالِقٍ أَوْ رَازِقٍ أَوْ نَافِعٍ أَوْ ضَارٍّ مَعَ اللهِ تَعَالَى - كَمَا يَظُنُّ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ بِالقُرْآنِ - [6]، وَإِنَّمَا كَانَ شِرْكُهُم هُوَ بِاتِّخَاذِ الوَسَائِطِ وَالشُّفَعَاءِ بَيْنَهُم وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى [7]؛ حَيْثُ تَعَلَّقُوا بِهِم فَدَعَوْهُم وَاسْتَغَاثُوا بِهِم.
3) تَوْحِيْدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَعْتَقِدَ العَبْدُ أَنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ وَاحِدٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَا مُمَاثِلَ لَهُ فِيْهِمَا، قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} (الشُّوْرَى:11). (8)
وَهَذَا النَّوْعُ الأَخِيْرُ يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْن:
أ) الإِثْبَاتُ، وَذَلِكَ بِأَنْ نُثْبِتَ للهِ تَعَالَى جَمَيْعَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِيْ أَثْبتَهَا لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ب) نَفْيُ المُمَاثَلَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا نَجْعَلَ للهِ مَثِيْلًا فِي تِلْكَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.

(1) قَالَ الزُّبَيْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ (ت 1205 هـ) فِي كِتَابِهِ (تَاجُ العَرُوْسِ) (276/ 9): (التَّوْحِيْدُ تَوْحِيْدَانِ، تَوْحِيْدُ الرُّبُوْبِيَّةِ وَتَوْحِيْدُ الأِلَهِيَّةِ.
فَصَاحِبُ تَوْحِيْدِ الرَّبَّانِيَّةِ يَشْهَدُ قَيُّومِيَّةَ الرَّبِ فَوْقَ عَرْشِهِ، يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَحْدَهُ، فَلَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ وَلَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ وَلَا مُحْيي وَلَا مُمِيْتَ وَلَا مُدَبِّرَ لِأَمْرِ المَمْلَكَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا غَيْرُهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلَّا بإِذْنِهِ، وَلَا يَجُوْزُ حَادِثٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، وَلَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا وَقَدْ أَحْصَاهَا عِلْمُهُ وَأَحَاطَتْ بِهَا قُدْرَتُهُ وَنَفَذَتْ فِيْهَا مَشِيْئَتُهُ وَاقْتَضَتْهَا حِكْمَتُهُ.
وَأَمَّا تَوْحِيْدُ الإِلَهِيَّةِ فَهُوَ أَنٍ يجْمِعَ هِمَّتَهُ وَقَلْبَهُ وَعَزْمَهُ وَإِرَادَتَهُ وَحَرَكاتِهِ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ وَالقِيَامِ بِعُبُودِيَّتِهِ).
(2) مُلَاحَظَةٌ: إِذَا كَانَ الاسْتِدْلَالُ بِأَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَإِنِّيْ أَذْكُرُ رَقَمَ آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا.
(3) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (267/ 4): ({فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُوْنَ} أَيْ: أَفَلَا تَخَافُوْنَ مِنْهُ أَنْ تَعْبُدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ بِآرَائِكُم وَجَهْلِكُم؟!
وَقَوْلُهُ {فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُوْنَ} أَيْ: فَهَذَا الَّذِي اعْتَرَفْتُم بِأَنَّهُ فَاعِلُ ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ رَبُّكُم وَإِلَهُكُم الحَقُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُفْرَدَ بِالعِبَادَةِ، {فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} أَيْ: فَكُلُّ مَعْبُوْدٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَاحِدٌ لَا شَرِيْكَ لَهُ).
[4] قَالَ فِي القَامُوْسِ المُحِيْطِ (ص1242): (أَلَهَ إِلَاهَةً وَأُلُوْهَةً وَأُلُوْهِيَّةً: عَبَدَ عِبَادَةً، وَمِنْهُ لَفْظُ الجَلَالَةِ).
وَقَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (467/ 13): ((ألَهَ) الإلَهُ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وكُلُّ مَا اتُخِذَ مِنْ دُوْنِهِ مَعْبُوْدًا؛ إلَهٌ عِنْدَ مُتَّخِذِهِ، وَالجَمْعُ آلِهَةٌ، وَالآلِهَةُ: الأَصْنَامُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِم أَنَّ العِبَادَةَ تَحُقُّ لَهَا، وَأَسْمَاؤُهُم تَتْبَعُ اعْتِقَادَاتِهِم لَا مَا عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي نَفْسِهِ).
[5] هَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّوْحِيْدِ يَكُوْنُ اسْمُهُ بِاعْتِبَارَيْنِ: فَبِاعْتِبَارِ إِضَافَتِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى يُسمَّى تَوْحِيْدَ الأُلُوْهِيَّةِ، فَلَا إلَهَ حَقٌّ إِلَّا هُوَ، وَبِاعْتِبَارِ إِضَافَتِهِ إِلَى العِبَادِ يُسمَّى تَوْحِيْدَ العِبَادَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَعْبُدَ غَيْرَهُ.
قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (ص503): (فَالأُلُوْهِيَّةُ وَصْفُهُ تَعَالَى، وَالعُبُوْدِيَّةُ وَصْفُ عَبْدِهِ).
[6] قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُوْلُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُوْنَ} (العَنْكَبُوْت:61).
وقَالَ تَعَالَى أَيْضًا: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُوْلُوْنَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُوْنَ، فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُوْنَ} (يُوْنُس:32).
[7] قَالَ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُوْلُوْنَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُوْنَ اللهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْنَ} (يُوْنُس:18).
(8) فَائِدَةٌ: اشْتِرَاكُ اسْمَاءِ بَعْضِ الصِّفَاتِ بَيْنَهُ تَعَالَى وَبَيْنَ بَعْضِ خَلْقِهِ إِنَّمَا هُوَ اشْتِرَاكٌ فِي أَصْلِ الصِّفَةِ، وَلَيْسَ فِي حَقِيْقَتِهَا، فَالكَمَالُ فِيْهَا للهِ وَحْدَهُ دُوْنَ مَنْ سِوَاهُ؛ فَمَثَلًا المَخْلُوْقُ قَدْ يَكُوْنُ عَزِيْزًا؛ وَاللهُ تَعَالَى هُوَ العَزِيْزُ، فَلِلْمَخْلُوْقِ مِنْ صِفَةِ العِزَّةِ مَا يُنَاسِبُ ذَاتَهُ الحَقِيْرَةَ الوَضِيْعَةَ الفَقِيْرَةَ، وَاللهُ جَلَّ وَعَلَا لَهُ مِنْ كَمَالِ هَذِهِ الصِّفَةِ مُنْتَهَى ذَلِكَ، لَيْسَ لَهُ فِيْهَا مَثِيْلٌ، وَلَيْسَ لَهُ فِيْهَا مُشَابِهٌ عَلَى الوَجْهِ التَّامِّ. وَسَيَأْتِي مَزِيْدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ شَرْحِ الكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست