responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 298
الشَّرْحُ
- قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُوْنَ، ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُوْنَ، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُوْنَ، أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُوْنَ، أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحَىً وَهُمْ يَلْعَبُوْنَ، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُوْنَ} (الأَعْرَاف:99).
- مُنَاسَبَةُ هَذَا البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ أَنَّ الأَمْنَ مِنْ مَكْرِ اللهِ؛ وَالقُنُوْطَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مُنَافِيَانِ لِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ الوَاجِبِ؛ وَقَدْ يُنَافِيَانِ أَصْلَهُ إِذَا اسْتَحْكَمَا.
- الأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ سَبَبُهُ ضَعْفُ عِبَادَةِ الخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، أَمَّا القُنُوْطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى فَسَبَبُهُ ضَعْفُ عِبَادَةِ الرَّجَاءِ بِاللهِ تَعَالَى.
وَكِلَاهُمَا مُنَافِيَانِ لِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ، وَقَدْ يُنَافِيَانَ أصْلَهُ إِنْ صَحِبَهُمَا اعْتِقَادٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الكَافِرُوْنَ} (يُوْسُف:87).
- أَوْرَدَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هَاتَيْنِ العِبَادَتَيْنِ فِي بَابٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَتَان، فَلَا يَصِحُّ الإِفْرَاطُ فِي رَجَاءِ المَغْفِرَةِ بِحَيْثُ يَأْمَنُ عَذَابَ اللهِ! وَأَيْضًا لَا يَصِحُّ الإِفْرَاطُ فِي الخَوْفِ بِحَيْثُ يَقْنَطُ مِنْ مَغْفِرَةِ اللهِ! (1)
لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُمَا كَجَنَاحَي الطَّائِرِ إِذَا اخْتَلَّ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ سَقَطَ الطَّائِرُ، وَاُنْظُرْ قَوْلَهَ تَعَالَى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ} (الزُّمَر:9).
وكَقَوْلِهِ تَعَالَى {أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ يَبْتَغُوْنَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيْلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُوْنَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُوْنَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوْرًا} (الإِسْرَاء:57).
- الأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ: هُوَ إِقَامَةُ العَبْدِ عَلَى الذَّنْبِ يَتَمَنَّى عَلَى اللهِ المَغْفِرَةَ، وَفِي الحَدِيْثِ (إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيْهِ مَا يُحِبُّ؛ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوْتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُوْنَ} (الأَنْعَام:44)). (2)
- مَكْرُ اللهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ:
1) اسْتِدْرَاجُ العَاصِي بِالنِّعَمِ.
2) أَنْ يَكُوْنَ العَاصِي آمِنًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
- القُنُوْطُ: اسْتِبْعَادُ الفَرَجِ وَاليَأْسُ مِنْهُ، وَهُوَ مُقَابِلٌ لِلأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللهِ - مِنْ جِهَةِ المُخَالَفَةِ -.

(1) صَحِيْحٌ. سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ (3502) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (1268).
(2) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (17311) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (413).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست