responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 25
- الرِّيَاءُ نَوْعَانِ: رِيَاءُ المُنَافِقِ وَرِيَاءُ المُسْلِمِ (أَي الَّذِيْ قَدْ يَصْدُرُ مِنَ المُسْلِمِ):
1) رِيَاءُ المُنَافِقِ: هُوَ رِيَاءٌ فِي أَصْلِ الدِّيْنِ، يَعْنِيْ أَظْهَرَ الإِسْلَامَ وَأَبْطَنَ الكُفْرَ, قَالَ تَعَالَى عَنِ المُنَافِقِيْنَ: {يُرَاءُوْنَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُوْنَ اللهَ إِلَّا قَلِيْلًا} (النِّسَاء:142).
2) رِيَاءُ المُسْلِمِ: لَا يَكُوْنُ فِي أَصْلِ تَدَيُّنِهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ حَسَّنَ الرَّجُلُ صَلَاتِهِ أَمَامَ النَّاسِ لِطَلَبِ جَاهٍ أَوْ ذِكْرٍ حَسَنٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ مِثْلَ يَسِيْرِ الرِّيَاءِ، أَمَّا الرِّيَاءُ الكَامِلُ فَهُوَ لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنَ المُنَافِقِ. (1)
- الشِّرْكُ الأَصْغَرُ: هُوَ جَمِيْعُ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ الَّتِيْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الشِّرْكِ، كَالغُلُوِّ فِي المَخْلُوْقِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ هَذَا الغُلُوُّ إِلَى رُتْبَةِ العِبَادَةِ [2]، وَكَالحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ وَيَسِيْرِ الرِّيَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَلَكِنَّهُ بِقَيْدِ أَنْ يَكُوْنَ الشَّرْعُ قَدْ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا شِرْكٌ، فَلَيْسَ كُلُّ ذَرِيْعَةٍ إِلَى الشَّرْكِ تَكُوْنُ شِرْكًا؛ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكُوْنُ كَبِيْرَةً مِنَ الكَبَائِرِ فِي نَفْسِهَا.
- الرِّيَاءُ فِي الحَدِيْثِ جَاءَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيْلِ لَا الحَصْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الغَالِبُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ التَّصَنُّعُ لِيُسْمَعَ عَنْهُ فَهُوَ سُمْعَةٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّيَاءِ أَيْضًا، كَمَا فِي حَدِيْثِ جُنْدَبٍ مَرْفُوْعًا (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (3)
- قَوْلُهُ (وَهُوَ يَدْعُوْ مِنْ دُوْنِ اللهِ نِدًّا) [4]: الدُّعَاءُ نَوْعَانِ:
1) دُعَاءُ عِبَادَةٍ: كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَادَاتِ.
وَسُمِّيَ دُعَاءً لِأَنَّهُ دَاعٍ بِلِسَانِ حَالِهِ، فَمَعْلُوْمٌ أَنَّ مَنْ يُرِيْدُ الجَنَّةَ وَالبُعْدَ عَنِ النَّارِ فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى أَعْمَالِ الطَّاعَةِ للهِ، فَهُوَ دَاعٍ فِي الجُمْلَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} (الجِنّ:18)، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ} (غَافِر:60)، فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الدُّعَاءَ عِبَادَةً، وَهَذَا النَّوْعُ لَا يَجُوْزُ صَرْفُهُ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ المَقْصُوْدُ بِالحَدِيْثِ هُنَا.
2) دُعَاءُ مَسْأَلَةٍ: أَيْ: يَدْعُوْ سَائِلًا بِلِسَانِهِ، وَهَذَا النَّوْعُ فِيْهِ تَفْصِيْلٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ حَيًّا حَاضِرًا قَادِرًا [5]، كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيْبُوْهُ). (6)

(1) مَدَارِجُ السَّالِكِيْنَ (352/ 1).
[2] أَفَادَهُ العَلَّامَةُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ السَّدِيْدُ فِي مَقَاصِدِ التَّوْحِيْدِ) (ص54).
(3) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6499)، وَمُسْلِمٌ (2986).
[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4497)، وَتَمَامُهُ (عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً؛ وَقُلْتُ أُخْرَى، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُوْنِ اللهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ)، وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ وَهْوَ لَا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
[5] قُلْتُ: مَعَ التَّأْكِيْدِ عَلَى كَوْنِ دُعَاءِ المَدْعُوِّ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ؛ وَأَنَّ النَّفْعَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ اللهِ تَعَالَى.
(6) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (1672) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (254).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست