responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 241
- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) هَلِ رُؤْيَا المَنَامِ مِنَ العِلْمِ بِالغَيْبِ؟
الجَوَابُ: لَا، لَيْسَ مِنَ العِلْمِ بالغَيْبِ، إِلَّا إِنْ كَانَتْ لِلأَنْبِيَاءِ فَهِي مِنْ جُمْلَةِ شُؤُوْنِ النُّبُوَّةِ، بِخِلَافِ المَنَامِ الَّذِيْ يَراهُ الرَّجُلُ مِنَّا؛ فَمِنْهُ الحَقُّ ومِنْهُ البَاطِلُ، وَلَيْسَ مَعْنَى الحَقِّ هُنَا أَنَّهُ يَجْزِمُ بِكَوْنِهِ غَيْبَاَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَكُوْنُ فِيْهِ نَوْعُ اطْلَاعٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الغَيْبِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ الكَرَامَاتِ الَّتِيْ يُعْطِيْهَا اللهُ تَعَالَى لِلعَبْدِ [1]، خَاصَّةً وَأَنَّ هَذِهِ المَنَامَاتِ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ جَاءَتْ فِي حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْفُوْعِ وَهُوَ (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ - وَمَا كَانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ - وَالرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: حَدِيْثُ النَّفْسِ وَتَخْوِيْفُ الشَّيْطَانِ وَبُشْرَى مِنَ اللهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (2)
وَأَمَّا قَوْلُهُ (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) فَمَعْنَاهُ: (إِنْ وَقَعَتِ الرُّؤيَا مِنَ النَّبِيِّ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ حَقِيْقَةً، وَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ فَهِي جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبوَّةِ عَلَى سَبِيْلِ المَجَازِ، وَقَالَ الخَطَّابيُّ: (قِيْلَ: مَعْنَاهُ: إِنَّ الرُّؤيَا تَجِيْءُ عَلَى مُوافَقَةِ النُّبوَّةِ؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَقِيْلَ: المَعْنَى أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ - وَإِنِ انْقَطَعَتْ - فَعِلْمُهَا بَاقٍ)). [3] (4)

[1] وَإِنْ كَانَتْ أَيْضًا لَا تَخْتَصُّ مُطْلَقًا بِالصَّالِحِيْنَ؛ كَمَا فِي رُؤْيَةِ مَلِكِ مِصْرَ فِي قِصَّةِ يُوْسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
(2) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7017)، وَمُسْلِمٌ (2263).
[3] أَفَادَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (363/ 12).
(4) قَالَ الحَافِظ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (363/ 12): (وَتُعقّبَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِيْمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُعبِّرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أَحَدٍ؟ فَقَالَ: (أَبِالنُّبُوَّةِ يُلْعَبُ؟!)، ثُمَّ قَالَ: (الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ؛ فَلَا يُلْعَبُ بِالنُّبُوَّةِ!)
وَالجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا نُبُوَّةٌ بَاقيَةٌ، وَإنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتِ النُّبُوَّةَ مِنْ جِهَةِ الاطِّلَاعِ عَلَى بَعْضِ الغَيْبِ؛ فَإِنَّه لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ فِيْهَا بِغَيرِ عِلْمٍ).
قُلْتُ: وَيُمْكِنُ القَوْلُ أَيْضًا أَنَّ جِهَةَ النُّبُوَّةِ فِيْهَا هُوَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ تَأْوِيْلِهَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّرْعِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّوْجِيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ أَمَرَ أَنْ لَا تُقَصَّ إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ، وَوَجْهُ كَوْنِهِ عَالِمًا هُوَ بِسَبَبِ أَنَّ الشَّرِيْعَةَ جَاءَ فِيْهَا كَثِيْرٌ مِنْ تَأْوِيْلِ المَنَامَاتِ، كَمَا جَعَلَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صَحِيْحِهِ كِتَابًا سَمَّاهُ كِتَابَ التَّعْبِيْرِ (29/ 9).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست