responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 234
- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَا أَشْكَالُ عِلْمِ الغَيْبِ ([1]
1) عِلْمُ المُسْتَقْبَلِ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعِلْم الغَيْبِ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوْءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيْرٌ وَبَشِيْرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوْنَ} (الأَعْرَاف:188). (2)
2) عِلْمُ المَاضِي، قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيْهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُوْنَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُوْنَ} (آل عِمْرَان:44).
3) عِلْمُ الحَاضِرِ فِيْمَا غَابَ عَنْكَ حِسُّهُ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِيْنِ} (سَبَأ:14).
4) عِلْمُ البَاطِنِ وَمَا فِي الضَّمِيْرِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ} (فَاطِر:38). (3)

[1] كَمَا يُمْكِنُ تَقْسِيْمُ هَذِهِ الأَشْكَالِ - مِنْ جِهَةِ العُمُوْمِ - إِلى: غَيْبٍ مُطْلَقٍ: وَهُوَ الَّذِيْ لَمْ يُعَلِّمْهُ اللهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ، وَإِلى غَيْبٍ نِسْبِيٍّ: وَهُوَ الَّذِيْ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلِعَهُ اللهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الغُنَيْمَانُ فِي كِتَابِهِ (عِلْم الغَيْبِ فِي الشَّرِيْعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ) (ص35).
(2) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (ص153): (وَالمُرَادُ بِالغَيْبِ: المُسْتَقْبَلُ، أَمَّا المَوْجُوْدُ أَوِ المَاضِي؛ فَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُمَا فَلَيْسَ بِكَافِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قَدْ حَصَلَ وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ غَيْبَ المُسْتَقْبَلِ لَا يَكُوْنُ إِلَّا للهِ وَحْدَهُ).
قُلْتُ: لَعَلَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَجِدُهُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الغَيْبِ الَّتِيْ أَثْبَتْنَاهَا، وَأَمَّا كَوْنُ المَوْجُوْدِ وَالمَاضِيْ مَعْلُوْمًا لِبَعْضٍ دُوْنَ بَعْضٍ فَهَذَا كُلُّهُ بِقَيْدِ أَنَّهُم اطَّلَعُوا عَلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ كَمُشَاهَدَةٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ ... ، وَلَكِنَّ الغَيْبَ - الَّذِيْ هُوَ مَوْضُوْعُ البَحْثِ - هُوَ مَا كَانَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَأَيْضًا كُوْنُهُ جُعِلَ لَيْسَ مِنَ الغَيْبِ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُهُم وَقَدْ مَضَى زَمَنُهُ! فَأَيْضًا عِلْمُ مَا سَيَكُوْنُ قَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُهُم؛ كَمَا فِي إخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَعْضِ أَحْوَالِ يَوْمِ القِيَامَةِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الغَيْبِ.
قَالَ الشَّيْخُ الآلُوْسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِهِ (رُوْحُ المَعَانِي) (229/ 11) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِيْنِ} (سَبَأ:14): (وَفِي الآيَةِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الغَيْبَ لَا يَخْتَصُّ بِالأُمُوْرِ المُسْتَقْبَلَةِ، بَلْ يَشْمَلُ الأُمُوْرَ الوَاقِعَةَ الَّتِيْ هِيَ غَائِبَةٌ عَنِ الشَّخْصِ أَيْضًا).
(3) وَأَمَّا حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْفُوْعُ فِي كِتَابَةِ المَلَكِ لِلحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ الَّذِيْ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6491)، وَمُسْلِمٌ (128) وَالَّذِيْ فِيْهِ (إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا سَيِّئَةً، وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوْهَا حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا عَشْرًا)؛ فَهُوَ يُفِيْدُ عِلْمَ المَلَكِ بِمَا يَهُمُّ بِهِ العَبْدُ، وَلَكِنَّهُ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ إِيَّاهُ لِيَكْتُبَهُ، أَوْ مِمَّا مَكَّنَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ.
قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (325/ 11).
قُلْتُ: وَسَبَبُ هَذَا الجَوابِ الَّذِيْ تَقَدَّمَ بِهِ الحَافِظُ رَحِمَهُ اللهُ هُوَ كَوْنُ عِلْمِ مَا فِي الصُّدُوْرِ خَاصٌّ بِاللهِ تَعَالَى؛ وَأَنَّهُ مِنَ الغَيْبِ الَّذِيْ تَفَرَّدَ بِهِ اللهُ سُبْحَانَهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ} (فَاطِر:38)، فَلَيْسَ بِغَرِيْبٍ أَنْ يُمَكِّنَ اللهُ تَعَالَى المَلَكَ مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا إِخْبَارُهُ تَعَالَى - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَلَكٍ -: {قُلْ لَا أَقُوْلُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلَا أَقُوْلُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوْحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيْرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُوْنَ} (الأَنْعَامُ:50).
قَالَ البَغَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (145/ 3): ({لَا أَقُوْلُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ} أَيْ: خَزَائِنُ رِزْقِهِ فَأُعْطِيْكُم مَا تُرِيْدُوْنَ، {وَلَا أَعْلَمُ الغَيْبَ} فَأُخْبِرُكُم بِمَا غَابَ مِمَّا مَضَى وَمِمَّا سَيَكُوْنُ، {وَلَا أَقُوْلُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ المَلَكَ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الآدَمِيُّ وَيُشَاهِدُ مَا لَا يُشَاهِدُهُ الآدَمِيُّ).
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِهِ (البَحْرُ المُحِيْطُ) (132/ 3): (فَاطِّلَاعُ الرَّسُوْلِ عَلَى الغَيْبِ هُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى بِوَحْيٍ إِلَيْهِ، فَيُخْبَرُ بِأَنَّ فِي الغَيْبِ كَذَا مِنْ نِفَاقِ هَذَا وَإِخْلَاصِ هَذَا، فَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الوَحِي، لَا مِنْ جِهَةِ اطِّلَاعِهِ نَفْسِهِ مِنْ غَيرِ وَاسِطَةِ وَحْيٍ عَلَى المُغَيَّبَاتِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست