responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 233
المُلْحَقُ السَّادِسُ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيْدِ) مَسَائِلُ في العِلْمِ بِالغَيْبِ (1)
- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) هَلْ عِلْمُ الغَيْبِ مُخْتَصٌّ بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ؟
الجَوَابُ: نَعَمْ. إِنَّ عِلْمَ الغَيْبِ مُخْتَصٌّ بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَيَقُوْلُوْنَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِيْنَ} (يُوْنُس:20).
فَالغَيْبُ هُوَ مَا غَابَ عَنِ العُيوْنِ - وَإِنْ كَانَ مُحَصَّلًا فِي القُلُوْبِ - [2].
وَالمُؤْمِنُوْنَ يُؤْمِنُوْنَ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ رُغْمَ عَدِمِ رُؤيَتِهِمَا، لِكَوْنِ الخَبَرِ الصَّادِقِ قَدْ أَتَى بِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ المُتَّقِيْنَ: {الَّذِيْنَ يُؤْمِنُوْنَ بِالغَيْبِ} (البَقَرَة:[3]).
وَالغَيْبُ الَّذِيْ اخْتَصَّ بهِ اللهُ تَعَالَى هُوَ الغَيْبُ الذَّاتيُّ؛ أَيْ: الَّذِيْ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ بِذَاتِهِ دُوْنَ وَاسِطَةٍ إِلَّا اللهُ تَعَالَى [3]، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِيْ يُهَيِّئُ مِنَ الأَسْبَابِ القَدَرِيَّةِ أَوِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُمَكِّنُ المَخْلُوْقَ مِنَ الاطِّلَاعِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الغَيْبِ، وَلَهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَلِكَ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ. (4)
وَنَقَلَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) [5] عَنِ القُرْطُبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ (أَنَّ هَذِهِ الخَمْسَ لَا سَبِيْلَ لِمَخْلُوْقٍ عَلَى عِلْمٍ بِهَا قَاطِعٍ، وَأَمَّا الظَّنُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا بِأَمَارَةٍ قَدْ يُخْطِئُ وَيُصِيْبُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُمْتَنِعٍ، وَلَا نَفْيُهُ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ النُّصُوْصِ). (6)

(1) وَسَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللهُ - ذِكْرُ جُمْلَةٍ مِنَ شُبُهَاتٍ أُخَرَ وَجَوَابِهَا فِي مُلْحَقِ (ردُّ شُبُهَاتِ المُشْرِكِيْنَ).
[2] قَالَهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ؛ كَمَا فِي لِسَانِ العَرَبِ (654/ 1).
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُوْنَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُوْنَ} (البَقَرَة:33) (497/ 1): (وَالغَيْبُ: هُوَ مَا غَابَ عَنْ أبْصَارِهِم فَلَمْ يُعَايِنُوْهُ).
[3] قَالَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّوْرِ (ش 426).
قَالَ المُنَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (التَّوْقِيْفُ عَلَى مُهِمَّاتِ التَّعَارِيْفِ) (ص254): (الغَيْبُ: مَا غَابَ عَنِ الحِسِّ؛ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِلْمٌ يَهْتَدِي بِهِ الفِعْلُ فَيَحْصُلُ بِهِ العِلْمُ).
(4) فَالقَدَرِيَّةُ مِنْهَا: هُوَ مَا جَرَتْ بِهِ العَادَةُ؛ كَبَعْضِ المُخْتَرَعَاتِ الحَدِيْثَةِ الَّتِيْ قَدَّرَ اللهُ المَخْلُوْقَ عَلَى صُنْعِهَا؛ كَالهَاتِفِ الخُلَوِيِّ (لِعِلْمِ الحَاضِرِ)، وَالتَّصْوِيْرِ الشُّعَاعِيِّ (لِعِلْمِ المُسْتَقْبَلِ) وَالتَّحْلِيْلِ المَخْبَرِيِّ لِلمُستَحَاثَّاتِ وَغَيْرِهَا (لِعِلْمِ المَاضِيْ)، وَكتَمْكِيْنِهِ تَعَالَى لِلجِنِّ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَإِخْبَارِهِم أَوْلِيَائَهُم مِنَ الكُهَّانِ.
وَأَيْضًا الرُّؤْيَا فِي المَنَامِ هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيْثِ الوَعِيْدُ عَلَى مَنْ أَرَى نَفْسَهُ مَا لَمْ يَرَى، وَالحَدِيْثُ هُوَ (مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ؛ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ). البُخَارِيُّ (7042) مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا.
وَأَمَّا الشَّرْعِيَّةُ مِنْهَا فَتَكُوْنُ وُفْقَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوْصُ، فَعُلِمَ بِهَا أَنَّ الجَنَّةَ وَالنَّارَ مَوْجُوْدَتَانِ (لِعِلْمِ الحَاضِرِ)، وَمَرَاحِلُ تَكوُّنِ الجَنِيْنِ (لِعِلْمِ الحَاضِرِ أَيْضًا)، وَيَوْمُ القِيَامَةِ وَمَا سَيَكُوْنُ فِيْهِ (لِعِلْمِ المُسْتَقْبَلِ)، وَقِصَّةُ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامِ فِيْمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ (لِعِلْمِ المَاضِي).
[5] (216/ 1).
(6) وَهَذِهِ الخَمْسُ هِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوْتُ إِنَّ اللهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ} (لُقْمَان:34).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست