responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 216
- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ) اسْتَدَلَّ بَعْضُهُم عَلَى جَوَازِ تَعَلُّمِ السِّحْرِ بِقَوْلِ الرَّازِي [1] رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ [2]: (أَنَّ العِلْمَ بِالسِّحْرِ لَيْسَ بِقَبِيْحٍ وَلَا مَحْظُوْرٍ. اتَّفَقَ المُحَقِّقُوْنَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ العِلْمَ لِذَاتِهِ شَرِيْفٌ, وَأَيْضًا لِعُمُوْمِ قَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ} (الزُّمَر:9)، وَلِأَنَّ السِّحْرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ يُعلَمُ لَمَا أَمْكَنَ الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُعْجِزَةِ، وَالعِلْمُ بِكَوْنِ المُعْجِزِ مُعْجِزًا وَاجِبٌ)!
وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ ([3]):
1) قَوْلُهُ: العِلْمُ بِالسِّحْرِ لَيْسَ بِقَبِيْحٍ! إِنْ كَانَ عَقْلًا؛ فَجُمْهُوْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى المَنْعِ.
2) قَوْلُهُ: وَلَا مَحْظُوْرَ فِيْهِ! فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً). (4)
3) قَوْلُهُ: اتَّفَقَ المُحَقِّقُوْنَ عَلَى ذَلِكَ! لَيْسَ بِصَوَابٍ، فَأَيْنَ كَلَامُ الأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِم عَلَى تَحْسِيْنِ تَعَلُّمِ السِّحْرِ. (5)
4) قَوْلُهُ: لِعُمُوْمِ قَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ}! فِيْهِ نَظَرٌ, لِأَنَّ هَذِهِ الآيَةَ إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى مَدْحِ العَالِمِيْنَ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ. (6)
5) قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يَحْصُلُ العِلْمُ بِالمُعْجِزِ إِلَّا بِالعِلْمِ بِالسِّحْرِ! هُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ, لِأَنَّ أَعْظَمَ مُعْجِزَاتِ رَسُوْلِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ هُوَ القُرْآنُ العَظِيْمُ؛ وَالعِلْمُ بِأَنَّهُ مُعْجِزٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ السِّحْرِ أَصْلًا.
ثُمَّ مِنَ المَعْلومِ بِالضَّرُوْرَةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِيْنَ وَأَئِمَّةَ المُسْلِمِيْنَ وَعامَّتَهُم كَانُوا يَعْلَمُوْنَ المُعْجِزَ وَيُفَرِّقُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ, وَلَمْ يَكُوْنُوا يَعْلَمُوْنَ السِّحْرَ وَلَا تَعَلَّمُوْهُ وَلَا عَلَّمُوْهُ, وَاللهُ أَعْلَمُ.

[1] هُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ؛ فَخْرُ الدِّيْنِ الرَّازِيُّ؛ صَاحِبُ التَّفْسِيْرِ المُسَمَّى (مَفَاتِيْحُ الغَيْبِ)، (ت 606 هـ).
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي المِيْزَانِ (340/ 3): (وَلَهُ كِتَابُ (السِّرُّ المُكْتُومُ) فِي مُخَاطَبَةِ النُّجُوْمِ؛ سِحْرٌ صَرِيْحٌ، فَلَعَلَّهُ تَابَ مِنْ تَأْلِيْفِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (367/ 1): (وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَابَ مِنْهُ! وَقِيْلَ: بَلْ صَنَّفَهُ عَلَى وَجْهِ إِظْهَارِ الفَضِيْلَةِ؛ لَا عَلَى سَبِيْلِ الِاعْتِقَادِ - وَهَذَا هُوَ المَظْنُوْنُ بِهِ -، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيْهِ طَرِيْقَهُمْ فِي مُخَاطَبَةِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ وَكَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُوْنَ وَمَا يَلْبَسُونَهُ وَمَا يَتَمَسَّكُوْنَ بِهِ).
[2] تَفْسِيْرُ الرَّازِي (626/ 3) وَبِحَذْفٍ يَسِيْرٍ مِنْ قِبَلِ الحَافِظِ ابْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِهِ (366/ 1).
[3] مُعْظَمُ مَادَّةِ هَذَا الجَوَابِ هُوَ مِنْ رَدِّ الحَافِظِ ابْنِ كَثِيْرٍ عَلَيْهِ فِي التَّفْسِيْرِ (366/ 1) رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
(4) مُسْلِمٌ (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الأَثَرِ أَيْضًا (مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ سَاحِرًا؛ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ). صَحِيْحٌ. البزَّارُ (256/ 5) عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مَوْقُوْفًا. صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (3048).
(5) وَقَدْ سَبَقَ النَّقْلُ عَنِ النَّوَوِيِّ وَالحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُمَا اللهُ فِي تَحْرِيْمِ تَعَلُّمِهِ.
(6) وَإِلَّا فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذَمَّ الكُفَّارَ عَلَى مُجَرَّدِ عِلْمِهِم العِلْمَ الدُّنْيَوِيَّ، قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُوْنَ ظَاهِرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُوْنَ} (الرُّوْم:7).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست