responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 207
- الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنْوَاعُ السِّحْرِ: (1)
قَالَ العَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (عُمْدَةُ القَارِي): (2)
(وذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازي أَنْوَاعَ السِّحْرِ ثَمَانِيَةً:
1) سِحْرُ الكَلْدَانِيِّيْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا يَعْبُدُوْنَ الكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ المُتَحَيِّرَةَ - وَهِيَ السَّيَّارَةُ - وَكَانُوا يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّهَا مُدَبِّرَةٌ لِلعَالَمِ، وَأَنَّهَا تَأْتِي بِالخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهُمُ الَّذِيْنَ بَعَثَ اللهُ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ مُبْطِلًا لِمَقَالَتِهِم وَرَدًّا لِمَذَاهِبِهِم.
2) سِحْرُ أَصْحَابِ الأَوْهَامِ وَالنُّفُوْسِ القَوِيَّةِ.
3) الاسْتِعَانَةُ بِالأَرْوَاحِ الأَرْضِيَّةِ - وَهُمُ الجِنُّ - خِلَافًا لِلفَلَاسِفَةِ وَالمُعْتَزِلَةِ، وَهُم عَلَى قِسْمَيْنِ: مُؤْمِنُوْنَ، وَكُفَّارٌ - وَهُمُ الشَّيَاطِيْنُ -.
وَهَذَا النَّوعُ يَحْصُلُ بِأَعْمَالٍ مِنَ الرُّقَى وَالدَّخَنِ، وَهَذَا النَّوْعُ المُسَمَّى بِالعَزَائِمِ وَعَمَلِ تَسْخِيْرٍ.
4) التَّخَيُّلَاتُ وَالأَخْذُ بِالعُيُوْنِ وَالشَّعْبَذَةُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِيْنَ أَنَّ سِحْرَ السَّحَرَةِ بَيْنَ يَدِي فِرْعَوْنَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ بَابِ الشَّعْبَذَةِ. (3)
5) الأَعْمَالُ العَجِيْبَةُ الَّتِيْ تَظْهَرُ مِنْ تَرْكِيْبِ الآلَاتِ المُرَكَّبَةِ.
6) الاسْتِعَانَةُ بِخَوَاصِ الأَدْوِيَةِ؛ يَعْنِي فِي الأَطْعِمَةِ وَالدِّهَانَاتِ.
7) تَعَلُّقُ القَلْبِ، وَهُوَ أَنْ يدَّعِي السَّاحِرُ أَنَّهُ عَرَفَ الاسْمَ الأعْظَمَ، وَأَنَّ الجِنَّ يُطِيْعُوْنَهُ وَيَنْقَادُوْنَ لَهُ فِي أَكْثَرِ الأُمُوْرِ.
8) السَّعيُ بِالنَّميْمَةِ بِالتَّصْريْفِ مِنْ وُجُوْهٍ خَفِيَّةٍ لَطِيْفَةٍ، وَذَلِكَ شَائِعٌ فِي النَّاسِ.
وَإنَّمَا أُدْخِلَ كَثِيْرٌ مِنْ هَذِهِ الأَنْوَاعِ المَذْكُوْرَةِ فِي فَنِّ السِّحْرِ لِلَطَافَةِ مَدَارِكِهَا، لِأَنَّ السِّحْرَ فِي اللُّغَةِ: عِبَارَةٌ عَمَّا لَطُفَ وَخَفِيَ سَبَبُهُ، ولِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيْثِ (إنَّ مِنَ البيَانِ لَسِحْرًا)، وَسُمِّيَ السُّحُوْرَ لِكَونِهِ يَقَعُ خَفِيًّا آخِرَ اللَّيْلِ).

(1) أَشْهَرُهَا أَرْبَعٌ - تَسْهِيْلًا لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّمْيِيْزِ-:
أ) عُقَدٌ وَرُقَى: وَهِيَ قِرَاءَاتٌ وَطَلَاسِمٌ يَتَوَصَّلُ بِهَا السَّاحِرُ إِلَى اسْتِخْدَامِ الشَّيَاطِيْنِ فِيْمَا يُرِيْدُ بِهِ ضَرَرَ المَسْحُوْرِ، لَكِنْ قَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّيْنَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} (البَقَرَة:102).
ب) خِفَّةُ اليَدِّ: وَهَذِهِ يُحْسِنُوْنَهَا بِالتَّدَرُّبِ عَلَى المُسَارَعَةِ بِفِعْلِ الأَشْيَاءِ، كَإِخْرَاجِ المُخْبُوءِ مِنْ حَيْثُ لَا يُشْعَرُ بِهِ، أَوِ اكْتِسَابِ المَهَارَةِ فِي أَدَاءِ أَعْمَالٍ يَعْسُرُ عَلَى النَّاسِ فِعْلُهَا.
جـ) سِحْرُ العُيُوْنِ: وَهَذَا كَثِيْرٌ عِنْدَ الدَّجَّاليَنَ، فَهُوَ لَا يُدْخِلُ السَّيْفَ - مَثَلًا - فِي جَسَدِهِ، لَكِنَّهُ يَسْحَرُ عُيُوْنَ المُشَاهِدِيْنَ وَيُمَرِّرُ السَّيْفَ عَلَى جَانِبِهِ، وَيَراهُ النَّاسُ المَسْحُوْرُوْنَ مَرَّ فِي وَسَطِهِ، وَبَعْضُهُ يَكُوْنُ مِنَ القِسْمِ السَّابِقِ.
د) اسْتِعْمَالُ المَوَادِّ الكِيْمَاوِيَّةِ: وَهَذِهِ يُحْسِنُهَا مَنْ يُجِيْدُ تَرْكِيْبَ المَوَادِّ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ؛ فَتَنْتُجُ مَادَّةٌ تَمْنَعُ تَأْثِيْرَ بَعْضِ المَوَادِّ، مِثْلَ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ الطَّائِفَةُ الصُّوْفِيَّةٌ الرِّفَاعِيَّةُ مِنْ إِيْهَامِ النَّاسِ أَنَّهُم لَا تُؤَثِّرُ بِهِمُ النَّارُ. وَالحَقِيْقَةُ أَنَّهُم يَدْهَنُوْنَ جُلُوْدَهُم بِبَعْضِ المَوَادِّ الَّتِيْ تَمْنَعُ تَأْثِيْرَ النَّارِ فِيْهِم! وَقَدْ تَحَدَّاهُم شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيِمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي أَنْ يَغْتَسِلُوا بِالمَاءِ السَّاخِنِ قَبْلَ دُخُوْلِهِمُ النَّارَ؛ فَرَفَضُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَشَفَ حِيْلَتَهُم.
أَوْ أَنْ يَأْتِيَ السَّاحِرُ بِحَمَامَةٍ فَيَخْنِقَهَا أَمَامَ المُشَاهِدِيْنَ ثُمَّ يَضْرِبَهَا بِيَدِهِ فَتَقُوْمَ وَتَطِيْرَ! وَالحَقِيْقَةُ: أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ بِنْجٌ! فَأَشَمَّهَا إِيَّاهُ وأَوْهَمَهُم أَنَّهُ خَنَقَهَا فَمَاتَتْ، ثُمَّ لَمَّا ضَرَبَهَا أَفَاقَتْ مِنَ البِنْجِ! وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيْرٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ وَالمُشَعْوِذُوْنَ.
(2) عُمْدَةُ القَارِي (61/ 14)، وَقَدْ اخْتَصَرَهَا رَحِمَهُ اللهُ مِنَ الأَصْلِ، ونَقَلْتُهَا عَنْهُ لِكَونِهَا مُخْتَصَرَةً دَرْءًا لِلإِطَالَةِ.
(3) قَالَ فِي تَاجِ العَرُوْسِ (426/ 9): (الشَّعْوَذَةُ: السُّرْعَةُ. وَقِيْلَ: هِيَ الخِفَّةُ فِي كُلِّ أَمْرٍ).
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (44/ 2): (وَالشَّعْوَذِيُّ: البَرِيْد - لِخِفَّةِ سَيْرِهِ -). وَسَيَأْتِي مَعَنَا رَدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ سِحْرَ قَوْمِ فِرْعَوْنَ كَانَ مِنْ بَابِ الشَّعْبَذَةِ لَا الحَقِيْقَةِ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست