responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 179
- قَوْلُهُ (لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيْدًا): العِيْدُ يَكُوْنُ عِيْدًا مَكَانِيًّا أَوْ زَمَنِيًّا، وَهُنَا هُوَ عِيْدٌ مَكَانِيٌ [1]، فَيَكُوْنُ النَّهْيُ هُوَ عَنْ كَثْرَةِ العَوْدِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى الغُلوِّ.
- قَدْ عَمِلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الإِرْشَادِ النَّبَوِيِّ فَلَم يَكُوْنُوا يَعْتَادُوْنَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا دَخَلُوا المَسْجِدَ النَّبَوِيَّ [2]، وَإِنَّمَا فَقَطْ إِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ [3]، فَيَكُوْنُ اتِّخَاذُهُ عِيْدًا هُوَ مِنْ اتِّبَاعِ {غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ} (النِّسَاء:115).
وَزَادَ الأَمْرَ بَيَانًا فِعْلُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فِي الأَثَرِ هُنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ [4] حَيْثُ اسْتَدَلَ بِالحَدِيْثِ عَلَى المَنْعِ.
وَأَيْضًا فِي الأَثَرِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي سُهَيْلٍ؛ قَالَ: رَآنِي الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ القَبْرِ فَنَادَانِي - وَهُوَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ يَتَعَشَّى - فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى العَشَاءِ، فَقُلْتُ: لَا أُرِيْدُهُ، فَقَالَ: مَا لِي رَأَيْتُكَ عِنْدَ القَبْر؟ فَقُلْتُ: سَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتَ المَسْجِد فَسَلِّمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيْدًا، وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوْتَكُمْ مَقَابِرَ، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، لَعَنَ اللهُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، مَا أَنْتُمْ وَمَنْ بِالأَنْدَلُسِ إِلَّا سَوَاءٌ). (5)

[1] وَمِثْلُهُ حَدِيْثُ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ مَرْفُوْعًا (هَلْ كَانَ فِيْهَا عِيْدٌ مِنْ أَعْيَادِهِم) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (3313). وَقَدْ سَبَقَ.
[2] قَالَ القَاضِي عِيَاضُ رَحِمَهُ اللهُ (ت 544هـ) فِي كِتَابِهِ (الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوْقِ المُصْطَفَى) (ص675): (وَقَالَ مَالِكٌ فِي المَبْسُوطِ: (وَلَيْسَ يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ وَخَرَجَ مِنْهُ - مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ - الوُقُوفُ بِالقَبْرِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْغُرَبَاءِ). وَقَالَ فِيْهِ أَيْضًا: (لَا بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُوَ لَهُ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ). قِيْلَ لَهُ: فَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ لَا يَقْدِمُوْنَ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيْدُوْنَهُ؛ يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ فِي اليَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ! وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الجُمُعَةِ أَوْ فِي الأَيَّامِ المَرَّةَ وَالمَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ القَبْرِ فَيُسَلِّمُوْنَ، وَيَدْعُوْنَ سَاعَةً! فَقَالَ: (لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ بِبَلَدِنَا، وَتَرْكُهُ وَاسِعٌ، وَلَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَصَدْرِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ إِلَّا لِمَنْ جَاءَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ).
وَكَذَا أَوْرَدَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الإِيْضَاحُ فِي مَنَاسِكِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ) (ص459).
وَكَذَا أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ وَهْبَةُ الزُّحَيْلِيُّ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الفِقْهُ الإِسْلَامِيُّ وَأَدِلَّتُهُ) (ص2404) فِي فَقَرَةِ - زِيَارَةِ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَقَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفَقَرَةِ العَاشِرَةِ.
[3] وَلَمْ يَكُنِ السَّلَفُ يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَأْتُوْنَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَيُصَلُّوْنَ، فَإِذَا قَضَوا الصَّلَاةَ قَعَدُوا أَوْ خَرَجُوا، وَلَمْ يَكُوْنُوا يَأْتُوْنَ القَبْرَ لِلسَّلَامِ؛ لِعِلْمِهِم أَنَّ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ وَأكْمَلُ، وَكَمَا سَبَقَ أَيْضًا فِي قَوْلِ الحَسَنِ بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم حَيْثُ قَالَ: (إِذَا دَخَلْتَ المَسْجِدَ فَسَلِّمْ).
[4] وَهُوَ المُسَمَّى بِزَيْنِ العَابِدِيْن (ت 94 هـ)، وَيُسمَّى عَليًّا الأَصْغَرَ تَمْيِيْزًا لَهُ عَنْ أَخِيْهِ (عَلِيٍّ الأَكْبَرِ الَّذِيْ تُوُفِّيَ مَعَ أَبِيْه رَحِمَهُم اللهُ). الأَعْلَام لِلزِّرِكْلِيِّ (277/ 4).
(5) رَوَاهُ سَعِيْدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ فِي سُنَنِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ قَوِيٌّ كَمَا فِي أَحْكَامِ الجَنَائِزِ (ص220) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست