responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 160
- الفَصْلُ الثَّانِي: مَعْنَى اتِّخَاذِ القُبْوْرِ مَسَاجِدَ؛ هُوَ ثَلَاثَةُ مَعَانِي:
1) الصَّلَاةُ عَلَى القُبُوْرِ بِمَعْنَى السُّجُوْدِ عَلَيْهَا، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يُبْنَى عَلَى القُبُوْرِ، أَوْ يُقْعَدَ عَلَيْهَا، أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهَا) [1] , قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ [2] فِي الزَّوَاجِرِ: (وَاتِّخَاذُ القَبْرِ مَسْجِدًا مَعْنَاهُ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ إِلَيْهِ). (3)
2) السُّجُوْدُ إِلَيْهَا وَاسْتِقْبَالُهَا بِالصَّلَاَةِ وَالدُّعَاءِ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (لَا تُصَلُّوا إِلَى قَبْرٍ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَى قَبْر). (4)
3) بِنَاءُ المَسَاجِدِ عَلَيْهَا وَقَصْدُ الصَّلَاةِ فِيْهَا، كَمَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ (أُوْلَئِكَ إِذَا كَانَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ؛ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيْهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُوْلَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (5)
وَكَمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. [6] (7)
قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الأُمُّ) [8]: (وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى القَبْرِ مَسْجِدٌ؛ وَأَنْ يُسَوَّى، أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوَّى - يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ مَعْرُوْفٌ - أَوْ يُصَلَّى إِلَيْهِ. قَالَ: وَإِنْ صَلَّى إِلَيْهِ أَجْزَأَهُ؛ وَقَدْ أَسَاءَ.
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَاتَلَ اللهُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ). قَالَ: وَأَكْرَهُ هَذَا لِلسُّنَّةِ وَالآثَارِ، وَأنَّهُ كَرِهَ - وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ يُعَظَّمَ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ - يَعْنِي: يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا - وَلَمْ تُؤْمَنْ فِي ذَلِكَ الفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ). (9)
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ، أَوْ إِدْخَالِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ؛ لِأَنَّ المَحْذُوْرَ وَاحِدٌ.
قَالَ الحَافِظُ العِرَاقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ [10]: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَأَنَّهُ إذَا بُنِيَ المَسْجِدُ لِقَصْدِ أَنْ يُدْفَنَ فِي بَعْضِهِ أَحَدٌ؛ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي اللَّعْنَةِ، بَلْ يَحْرُمُ الدَّفْنُ فِي المَسْجِدِ.
وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُدْفَنَ فِيْهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى وَقْفِهُ مَسْجِدًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). [11] (12)

[1] صَحِيْحٌ. أَبُوْ يَعْلَى (1020) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ. تَحْذِيْرُ السَّاجِدِ (ص29).
[2] هُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ؛ الهِيْتَمِيُّ السَّعْدِيُّ الأَنْصَارِيُّ، شِهَابُ الدِّيْنِ شَيْخُ الإِسْلَامِ، أَبُوْ العَبَّاسِ: فَقِيْهٌ بِاحِثٌ مَصْرِيٌّ، مَوْلِدُهُ فِي مَحِلَّةِ أَبِي الهَيْتَم - مِنْ إِقْلِيْمِ الغَرْبِيَّةِ بِمِصْرَ - وَإلَيْهَا نِسْبَتهُ، (ت 974 هـ). الأَعْلَامُ لِلزِّرِكْلِيِّ (234/ 1).
(3) الزَّوَاجِرُ (246/ 1).
(4) صَحِيْحٌ. الطَّبرانيُّ في الكَبِيْرِ (376/ 11) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (7348).
(5) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (434)، وَمُسْلِمٌ (528) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا.
[6] مُسْلِمٌ (970).
(7) وَترْجَمَ البُخَارِيُّ (88/ 2) رَحِمَهُ اللهُ لِحَدِيْثِ (لَعَنَ اللهُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا) بِقَوْلِهِ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُوْرِ)؛ فَجَعَلَ مِنْ مَعْنَى الاتِّخَاذِ البِنَاءَ عَلَى القُبُوْرِ المَسَاجِدَ.
وَقَالَ الجَصَّاصُ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (مُخْتَصَرُ اخْتِلَافِ الفُقَهَاءِ) (407/ 1): (قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللهُ: بُنْيَانُ القُبُوْرِ لَيْسَ مِنْ حَالِ المُسْلِمِيْنَ، وَإنَّمَا هُوَ مِنْ حَالِ النَّصَارَى).
[8] الأُمِّ (317/ 1) لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
(9) قَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللهُ (358/ 2) عَقِبِ حَدِيْثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (لَا تَدَعْ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَه): (قَالَ الشَّافِعِيُّ: (أَكْرَهُ أَنْ يُرْفَعَ القَبْرُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ قَبْرٌ لِكَيْلَا يُوطَأَ وَلَا يُجْلَسَ عَلَيْهِ)).
[10] هُوَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَبْو الفَضْلِ؛ زَيْنُ الدِّيْنِ، المَعْرُوْفُ بِالحَافِظِ العِرَاقِيِّ: بَحَّاثَةٌ مِنْ كِبَارِ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، صَاحِبُ المُغْنِي عَلَى الإِحْيَاءِ، (ت 806 هـ). الأَعْلَامُ لِلزِّرِكْلِيِّ (344/ 3).
[11] نَقَلَهُ المُنَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ (فَيْضُ القَدِيْرِ) (274/ 5).
(12) وَقَدْ سَبَقَ فِي مَسَائِلِ البَابِ المَاضِي بَيَانُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ - مِنْ جِهَةِ النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ - بَيْنَ كَوْنِ المَسْجِدِ طَارِئًا عَلَى القَبْرِ أَمِ العَكْسُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست