responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 150
- قَوْلُهُ (اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ): إنَّ اتِّخَاذَ القُبُوْرِ مَسَاجِدَ يَكُوْنُ عَلَى أَحَدِ ثَلَاثِ صُوَرٍ: (1)
1) أَنْ يَسْجُدَ عَلَى القَبْرِ؛ يَعْنِي: يَجْعَلَ القَبْرَ مَكَانَ سُجُوْدِهِ. (2)
2) أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى القَبْرِ؛ فَيَكُوْنَ القَبْرُ أَمَامَهُ يُصَلِّي إِلَيْهِ. (3)
3) أَنْ يَتَّخِذَ القَبْرَ مَسْجِدًا بِأَنْ يَجْعَلَ القَبْرَ فِي دَاخِلِ بِنَاءِ المَسْجِدِ, فَيَتَّخِذَ ذَلِكَ المَكَانَ لِلتَّعَبُّدِ وَالصَّلَاةِ فِيْهِ - وَهِيَ الصُّوْرَةُ الأَعَمُّ - وَعَلَيْهَا صُوْرَةُ النَّهْي فِي حَدِيْثِ (أُوْلَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ العَبْدُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا). (4)

(1) وَكُلُّهَا مَشْمُوْلَةٌ بِعُمُوْمِ قَوْلِهِ: (اتَّخَذُوا)، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الاتِّخَاذَ أَعَمُّ مِنَ البِنَاءِ.
قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الأُمُّ) (317/ 1): (وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى القَبْرِ مَسْجِدٌ؛ وَأَنْ يُسَوَّى، أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوَّى - يَعْنِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ مَعْرُوْفٌ - أَوْ يُصَلَّى إِلَيْهِ. قَالَ: وَإِنْ صَلَّى إِلَيْهِ أَجْزَأَهُ؛ وَقَدْ أَسَاءَ.
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَاتَلَ اللهُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ). قَالَ: وَأَكْرَهُ هَذَا لِلسُّنَّةِ وَالآثَارِ، وَأنَّهُ كَرِهَ - وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ يُعَظَّمَ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ - يَعْنِي: يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا - وَلَمْ تُؤْمَنْ فِي ذَلِكَ الفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ).
(2) وَهَذِهِ الصُّوْرَةُ فِي الوَاقِعِ لَمْ تَحْصُلْ بِانْتِشَارٍ؛ لِأَنَّ قُبُوْرَ الأَنْبِيَاءِ فِي اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى لَمْ تَكُنْ مُبَاشِرةً لِلنَّاسِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَصِلُوا إِلَى القَبْرِ وَأنْ يَسْجُدوا فَوْقَهُ؛ بَلْ كَانُوا يُعَظِّمُوْنَ قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِم؛ فَلَا يُصَلُّوا عَلَيْهَا مُبَاشَرَةً.
(3) هَذَا وَقَدْ دَلَّتِ الشَّرِيْعَةُ عَلَى النَّهْي عَنْ هَذَا النَّوْعِ وَمَا قَبْلَهُ كَمَا فِي حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا عِنْدَ الطَّبرانِيِّ فِي الكَبِيْرِ (376/ 11) (لَا تُصَلُّوا إِلَى قَبْرٍ، ولَا تُصَلُّوا عَلَى قَبْرٍ). صَحِيْحُ الجَامِعِ (7348).
(4) وَالبِنَاءُ عَلَى القُبُوْرِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ عَنْ جابرٍ مَرْفُوْعًا (سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُقْعَدَ عَلَى القَبْرِ وَأَنْ يُقَصَّصَ (يُجَصَّصَ) وَيُبْنَى عَلَيْهِ). صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُد. صَحِيْحُ أَبِي دَاوُدَ (2762).
وَلِذَلِكَ كَانَ قَبْرُ أَفْضَلِ البَشَرِ غَيْرَ مَبْنِيٍّ، كَمَا فِي البُخَارِيِّ (102/ 2) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ: (أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا).
قُلْتُ: وَسُفْيَانُ هَذَا هُوَ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِيْنَ. (فَتْحُ البَارِي) (257/ 3).
وَكَمَا فِي حَدِيْثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ، وَنُصِبَ اللَّبِنُ نَصْبًا، وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ). رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيْحِهِ (6635)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (6736). وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (أَحْكَامُ الجَنَائِزِ) (ص153).
وَفِي التِّرْمِذِيِّ (358/ 2) عَقِبَ حَدِيْثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (ولَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ)؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (أَكْرَهُ أَنْ يُرْفَعَ القَبْرُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا نَعْرِفُ أَنَّه قَبْرٌ لِكَي لَا يُوْطَأَ وَلَا يُجْلَسَ عَلَيْهِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست