responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 141
- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ) كَيْفَ يَسْتَقِيْمُ النَّهْيُّ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلمُشْرِكِيْنَ مَعَ كَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِقَوْمِهِ المُشْرِكِيْنَ كَمَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ - ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ - وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُوْنَ)) [1]؟!
وَالجَوَابُ: أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلمُشْرِكِيْنَ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِم لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ هُوَ مَخْصُوْصٌ بِالمَوْتِ عَلَى ذَلِكَ.
وَالدَّلِيْلُ تَقْيِيْدُ النَّهْي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيْمِ}، وَهَذَا التَّبَيُّنُ يَكُوْنُ إِذَا مَاتَ عَلَى الكُفْرِ [2]، قَالَهُ الطَّبريُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ. [3] (4)
وَأَجَابَ بِهِ الإِمْامُ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ (مُشْكِلُ الآثَارِ). (5)
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [6] بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ - كَمَا قَالَ السُّيُوْطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الفَتَاوَى [7] - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (مَا زَالَ إِبْرَاهِيْمُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيْهِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا مَاتَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ؛ فَلَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ). [8] (9)

[1] البُخَارِيِّ (3477)، وَمُسْلِمٍ (1792).
[2] قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (211/ 4) - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ} -: (لَمَّا مَاتَ. هَذَا ثَابِتٌ عَنْ مُجَاهِدٍ).
[3] (509/ 14).
(4) قُلْتُ: وَتَأَمَّلِ القَيْدَ فِي قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُوْلِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُوْنَ} (التَّوبَة:84)، وَالشَّاهِدُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُوْنَ}.
وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ الجَوَابَ عَنْ اسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَبِيْهِ {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيْمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِيْنَ يَوْمَ يَقُوْمُ الحِسَابُ} (إِبْرَاهِيْم:41)، وَأَنَّهُ مَخْصُوْصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِيْنَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيْمِ، وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيْمَ لِأَبِيْهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيْمٌ} (التَّوْبَة:114). وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيْقِهِ.
(5) مُشْكِلُ الآثَارِ (280/ 6).
[6] تَفْسِيْرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (10050).
[7] الحَاوِي (259/ 2).
[8] أَحْكَامُ الجَنَائِزِ (ص96) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
(9) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِجَوَابٍ آخَرَ؛ أَنَّهُ مَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ النَّهْي، وَلَكِنَّ الأَوَّلَ أَوْلَى. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست