اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 46
الكفّار هو شر وقبيح وسيء قبل الرسل وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسول. وفي الصحيح أن حذيفة قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها". وقد أخبر الله تعالى: عن قبح أعمال الكفار قبل أن يأتهم الرسول كقوله لموسى: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) .... وقال: (... إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ...) إلى قوله: (... إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). فهذا خبر عن حاله قبل أن يولد موسى وحين كان صغيراً قبل أن يأتيه برسالة أنه كان طاغياً مُفسداً قال -تعالى-: (...
يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ). وهو فرعون فهو إذا ذاك عدو الله ولم يكن جاءته الرسالة بعد. وأيضاً أمر الله الناس أن يتوبوا ويستغفروا مما فعلوه فلو كان: كالمباح المستوى الطرفين والمعفو عنه وكفعل الصبيان والمجانين، ما أمر بالاستغفار والتوبة. فعلم أنه كان من السيئات القبيحة لكن الله لا يعاقب إلا بعد قيام الحجة وهذا كقوله -تعالى-: (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ، وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ...). وقوله -تعالى-: (... أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ). وقال: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ). -إلى قوله-: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ...). فدل: على أنها كانت ذنوباً قبل إنذاره إياهم. وقال عن هود: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ). -إلى قوله-: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ). فأخبر: في أول خطابه أنهم مفترون بأكثر الذين كانوا عليه كما قال لهم في الآية الأخرى: (أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم) ... وكذلك قال لوط لقومه: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ). فدل: على أنها كانت فاحشة عندهم قبل أن ينهاهم، بخلاف من يقول: ما كانت فاحشة ولا قبيحة ولا سيئة حتى نهاهم عنها ... وهكذا إبراهيم الخليل قال: (... يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً).
فهذا توبيخ على فعله قبل النهي وقال أيضاً: (... إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً). فأخبر: أنهم يخلقون إفكاً قبل النهي وكذلك قول الخليل لقومه: (مَاذَا تَعْبُدُونَ، أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ). فهذا كله يبين قبح ما كانوا عليه قبل النهي وقبل إنكاره عليهم ...
اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 46