اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 253
الجواب: أنه لم يجهل هذا بدليل أنه أمر نبيه أن يفعلوا به ما وصاهم به. وإلا لقال لهم: إذا مت فاقبروني بهيئتي لئن قدر الله علي ليعذبني.
ولكن هو كما قال العلماء: أنه ظن أنه إن فعل أولاده فيه ما أوصى به أن يكون جمعه والحال هذه من الممتنعات، والممتنعات خارجة عن نطاق القدرة وهذا لا يعلم إلا بشرع.
قال الإمام الدهلوي: فهذا الرجل استيقن بأن الله متصف بالقدرة التامة لكن القدرة إنما هي في الممكنات لا في الممتنعات. وكان يظن أن جمع الرماد المتفرق نصفه في البر ونصفه في البحر ممتنع، فلم يجعل ذلك نقصاً فأخذ بقدر ما عنده من العلم ولم يعد كافراً [1]. ا. هـ.
إيمان الرجل بقدرة الله على البعث:
والدليل على أنه كان مؤمناً بقدرة الله الرواية التي في صحيح مسلم "فإني لم أبتهر عند الله خيراً وإن الله يقدر على أن يعذبني".
قال النووي: (وإن الله يقدر على أن يعذبني) هكذا هو في معظم النسخ ببلادنا ونقل اتفاق الرواة والنسخ عليه هكذا بتكرير "إن" وسقطت لفظة "أن" الثانية في بعض النسخ المعتمدة فعلى هذا تكون: إن الأولى شرطية وتقديره: إن قدر الله علي عذبني وهو موافق للرواية السابقة، وأما على رواية الجمهور وهي إثبات أن الثانية مع الأولى فاختلف في تقديره ....
ويجوز أن يكون على ظاهره كما ذكر هذا القائل لكن يكون قوله هنا معناه: إن الله قادر على أن يعذبني إن دفنتموني بهيئتي، فأما إن سحقتموني وذريتموني في البر والبحر فلا يقدر علي، ويكون جوابه كما سبق وبهذا تجتمع الروايات والله أعلم [2]. ا. هـ.
قلت: فهذه الرواية التي عليها جمهور الرواة تدل بجلاء على أن الرجل كان مؤمناً بقدرة الله عليه في الجملة وجهل وشك في هذه الصورة الدقيقة.
ومعلوم أن جهل هذه الصورة الدقيقة لا يطعن في ألوهية الله لذلك جاءت الرواية عنه (لم يعمل خيراً شيئاً قط إلا التوحيد).
بخلاف من شك في أصل قدرة الله فهذا طعن في ألوهيته إذ كيف يكون الإله عاجزاً أو جاهلاً أو ميتاً أو أصم أو لا يخلق فهذه تطعن طعناً مباشراً في ألوهية الله. [1] حجة الله البالغة جـ: 1 ص: 60. [2] صحيح مسلم بشرح النووي جـ: 17 ص: 83: 84.
اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 253