اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 159
وقال ابن كثير في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف: 103 - 104] قال البخاري ... عن عمرو بن مصعب قال سألت أبي -يعني سعد بن أبي وقاص- عن قول الله: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً). أهم الحرورية؟ قال: لا هم اليهود والنصارى، أما اليهود فكذبوا محمداً -صلى الله عليه وسلم- وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية- الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. وكان سعد رضي الله عنه يسميهم الفاسقين، وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد. هم الحرورية.
ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه: أن الآية تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء. بل هي أعم من هذا، فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية. وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول وهو مخطئ وعمله مردود كما قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً) [الغاشية: 2 - 4]. وقال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) [الفرقان: 23]. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ...) [النور: 39].
وقال في هذه الآية الكريمة: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ) أي: نخبركم (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً) ثم فسرهم فقال: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي: عملوا أعمالاً باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) أي: يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون ا. هـ.
وقال الطبري فيها: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله -عز وجل- عنى بقوله: (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً). كل عامل عملاً يحسبه فيه مصيباً وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض وهو بفعله ذلك لله مسخط وعن طريق الإيمان به جائر: كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالهم وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة من أهل أي دين كانوا ...
وقوله (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) يقول: هم الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة بل كان
اسم الکتاب : العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 159