اسم الکتاب : العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 46
الصلاة والسلام؛ لأن المسلمين آمنوا بهما على يد محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكان إيمانهم بهما من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وبما جاء به، فلولاه ما عرفنا نبوّتهما، ولا سيما وليس بأيدي أهل الكتاب عن أنبيائهم ما يُوجب الإيمان بهم؛ فلولا القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ما عرفنا شيئاً من آيات الأنبياء المتقدمين، فمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكتابه هو الذي قرّر نبوّة موسى وعيسى، لا اليهود والنصارى، بل نفس ظهوره، ومجيئه تصديقاً لنبوتهما؛ فإنهما أخبرا بظهوره، وبشّرا بظهوره:
{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [1]، فلما بُعث كان بعثه تصديقاً لهما، قال تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [2].
فمجيئه تصديق لهما من جهتين: من جهة إخبارهم بمجيئه ومبعثه، ومن جهة إخباره بمثل ما أخبروا به وشهادته بنبوتهم، ولو كان كاذباً لم يصدق من قبله، كما يفعل أعداء الأنبياء [3].
ومن أعظم الأدلة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لليهود لما بهتوه: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [4]، ولم يجسر أحد منهم على ذلك - مع اجتماعهم على تكذيبه وعداوته - لما أخبرهم بحلول الموت بهم إن أجابوه إلى ذلك، فلولا معرفتهم بحاله في كتبهم، وصدقه فيما يخبرهم به [1] سورة الصف، الآية: 6. [2] سورة الصافات، الآية: 37. [3] انظر: درء تعارض العقل والنقل، 5/ 78 - 83، ودقائق التفسير لابن تيمية، 4/ 34، وإغاثة اللهفان لابن القيم، 2/ 350، 351، وهداية الحيارى، ص635. [4] سورة البقرة، الآية: 94.
اسم الکتاب : العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 46