اسم الکتاب : العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم المؤلف : ابن الوزير الجزء : 1 صفحة : 16
ثم يقول: " هذا وإني لما رَتَبْتُ رُتوب [1] الكعب في مجالسة العلماء السادة، وثبت ثبوتَ القُطب في مجالس العلم والإفادة، ولم أزل منذ عرفت شمالي من يميني مشمراً في طلب معرفة ديني أتنقل في رتبة الشيوخ من قُدوة إلى قُدوة وأتوقَّل [2] في مدارس العلوم من ربوة إلى ربوة ولم يزل يَرَاعي للطائف الفوائد نواطف [3] وبناني للطف المعارف قواطف لم يكن حتماً أن يرجعَ طرف نظري عن المعارف خاسئاً حسيراً، ولم يجب قطعاً أن يعودَ جناحُ طلبي للفوائد مهيضاً كسيراً، ولم يكن بِدْعاً أن تنسمتُ من أعطارها روائح، وتبصرتُ من أنوارها لوائح أشربت قلبي محبةَ الحديث النبوي، والعلم المصطفوي، فكنتُ ممن يرى الحظ الأسنى في خدمة علومه، وتمهيدِ ما تعفى من رسومه، ورأيتُ أولى ما اشتغلتُ به ما تعيَّن فرض كفايته بعدَ الارتفاع، وتضيّق وقت القيام به بعدَ الاتساعِ من الذب عنه، والمحاماة عليه، والحثَّ على اتباعه، والدعاء إليه، فإنه علْمُ الصدر الأول، والذي عليه بعدَ القرآن المُعوِّلُ، وهو لعلوم الإسلام أصل وأساس، وهو المفسر للقرآن بشهادة {لتبين للناس} وهو الذي قال الله فيه تصريحاً {إنْ هُو إلا وَحْي يوحى} وهو الذي وصفه الصادق الأمين بمماثلة القرآن المبين، حيث قال في التوبيخ لكل مترف إمَّعة " إنِّي أُوتيتُ القُرآنَ ومِثلَه مَعه " [4].
لذلك فقد رسخ هذا الإمامُ في علوم القرآن والسنة حتى فاق أقرانه، وزاحم شيوخَه وتخطاهم، وبلغ مِن علوم الاجتهادِ ما لم يبلُغْه أحدٌ منهم. [1] في القاموس رتب رتوباً ثبت ولم يتحرك. [2] في القاموس: وقل في الجبل: صعد. [3] أي أن أقلامة لم تزل سائلة بلطائف الفوائد. [4] الروض الباسم 5.
اسم الکتاب : العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم المؤلف : ابن الوزير الجزء : 1 صفحة : 16