responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 64
فيحرم لا سيما وأن المدح والثناء من غير إكراه وموجب شرعي فرع عن المحبة المحرمة لهم، قال العلامة صديق حسن خان في كتابه (العبرة فيما ورد في الغزو والشهادة والهجرة)
" مدح الكفار لكفرهم ارتداد عن دين الإسلام، ومدحهم مجردا عن هذا القصد، كبيرة يعزر مرتكبها بما يكون زاجراً له ".
وقال العلامة الأهدل: " أما حكم من يمدحهم فهو فاسق، عاص مرتكب لكبيرة، يجب عليه التوبة منها، والندم عليها، هذا إذا كان مدحه لذات الكفار من غير ملاحظة صفة الكفر التي فيهم، فإن مدحهم من حيث صفة الكفر فهو كافر، كأنه مدح الكفر " من كتاب: السيف البتار على من يوالي الكفار للعلامة عبدالله بن عبدالباري الأهدل المتوفى سنة 1271 هجرية.
وعلى هذا فذكر ما عند الكفار من أخلاق محمودة على وجه الإعجاب بهم وتعظيم شأنهم والمدح لهم بلا موجب شرعي حرام لأن ذلك مناقض لحكم الله فيهم والله قد ذمهم وتوعدهم وشبههم بالأنعام كما قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) وقال تعالى (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) وقال تعالى: (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) وهذا شأن جميع أصناف الكفار.
وأما إن كان الثناء عليهم ومدحهم بسبب وموجب شرعي أو على الأقل يكون على وجه لا يدعو للفتنة بهم ولا موالاتهم فلا بأس بذلك ومنه ما يرويه محمد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما اشتد أذى قريش لهم: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه).
ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ) رَأَى عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ - إنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ إنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا , كما في سيرة ابن هشام , ومنه ما قال المستورد القرشي، عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "تقوم الساعة والروم أكثر الناس "فقال له عمرو: أبصر ما تقول.
قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة. وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة. وأوشكهم كرة بعد فرة. وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف. وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك. رواه مسلم في صحيحه.
ومن الموجبات الشرعية لمدحهم والثناء عليهم أن يكون مدحهم على سبيل إنصافهم ودفع تهمة موجهه لهم زوراً ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: ((ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤديه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما .. )).
ومن الموجبات أيضاً أن يكون مدحهم على سبيل بث روح الاجتهاد في نفوس المسلمين ومحاولة منافستهم بما نحن أولى به منهم لإسلامنا ومن ذلك قول عمر - رضي الله عنه -: (عجبتُ من جلَد الكافر، وعجز الثقة). يقولها تحفيزا للثقات.
ومن الموجبات أيضاً أن يكون مدحهم على سبيل الشكر والمكافأة بالمعروف ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر: (لو كان المطعم بن عدي حيّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له). رواه البخاري عن جبير بن مطعم.

اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست