اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 58
وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) التوبة [84]، وأما إن لم يوجد من الكفار من يدفن الكافر دفنه المسلمون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى بدر وبعمه أبي طالب لما توفي قال لعلي" اذهب فواره ". ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، بل يدفن في مقابر مثله من غير المسلمين؛ لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع المسلمين على ذلك، إلا إذا ماتت امرأة كتابية زوجها مسلم وهي حامل منه، وقد بلغ عمر الحمل أكثر من ثلاثة أشهر فإنها تدفن في قبر المسلمين، ويكون ظهرها إلى القبلة؛ ليكون وجه حملها مستقبل القبلة؛ لأن الجنين مسلم؛ لكون أبيه مسلما، والمسلم لا يجوز دفنه في مقابر غير المسلمين، فرعاية لحقه تقدم مصلحة دفنه في مقابر المسلمين على مفسدة دفن أمه فيها.
شروط تشييع جنازة الكافر القريب:
إذا كان الكافر محارباً لا تجوز تعزيته مُطلقاً ولا تشييعه , أما إذا كان الكافر غير مُحارب للمسلمين وكان قريباً للمسلم فيجوز أن يحضر جنازته ويشيعها مع المشيعين بشروط ثلاثة:
1 - ألا يحضر الصلاة عليه ولا يصلي عليه وألا يقوم على قبره أثناء الدفن.
2 - أن يسير أمام الجنازة بعيداً عنها قليلاً يقف بعيداً عن القبر وإذا أردوا الدفن رجع.
3 - وأن يكون الكافر قريباً للمسلم قرابة مباشرة.
حكم الالتزام بقوانين بلاد غير المسلمين: حكم الالتزام بقوانين بلاد غير المسلمين يختلف بحسب تلك القوانين التي لا تخلو من أحد أمرين:
1 - أن تكون غير مخالفة لأحكام الشرع، كالأحكام المتعلقة بأنظمة السير، وإصدار التراخيص، واحترام حقوق الآخرين، وممتلكاتهم فهذه يجب على المسلم الالتزام بها؛ لأن عقد إقامته متضمن وجوب التزام نظام بلده وقوانينه، والله ـ جل وعلا ـ يقول: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود) ِ المائدة [1].
2 - أن تكون مخالفة لأحكام الشريعة فإن كان يستطيع تحاشي الالتزام بها؛ لكونه لا يحتاجها، كالمعاملات المالية المحرمة، فعليه تحاشيها ولم يضره كونها موجودة في البلد الذي يعيش فيه، لقوله ـ جل وعلا ـ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) المائدة [105]، وإن كان يستطيع تحاشيها اتقى الله ما استطاع في تحاشي الوقوع في أسبابها، فما وقع فيه بعد ذلك منها فيكون من باب الضرورة، والضرورات تبيح المحظورات.
أحكام غير المسلمين في القصاص والحدود والتعزيرات:
أولا: إذا ارتكب غير المسلم ـ ممن له عهد وذمة ـ في بلاد المسلمين جناية يمكن القصاص منه بها خُيَر صاحب الحق بين إقامة القصاص عليه، أو دفع الدية، أو العفو، فإن كانت جناية على النفس كقتله معصوم الدم، خير أولياء المقتول، وإن كانت جناية على عضو كقطع رجل أو فقء عين خير المجني عليه، وإن كانت الجناية لا يمكن القصاص منه بها خير المجني عليه بين الدية أو العفو، فهو في هذا كالمسلم؛ لقوله ـ جل وعلا ـ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) المائدة [45]، وقوله ـ جل وعلا ـ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) إلى قوله (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) البقرة [178].
اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 58