responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد» المؤلف : أحمد بن عثمان المزيد    الجزء : 1  صفحة : 90
تجلياتُ اللهِ تعالى في القرآن (1)
القرآنُ كلامُ اللهِ، وقدْ تجلَّى اللهُ فيه لعبادِهِ بصفاتِهِ، فتارةً يتجلَّى في جلبابِ الهيبةِ والعظمةِ والجلالِ؛ فتخضَعُ الأعناقُ، وتنكَسِرُ النُّفوسُ، وتخْشَعُ الأصواتُ، ويذوبُ الكِبْرُ كما يذوبُ الملحُ في الماءِ. وتارةً يتجلَّى في صفاتِ الجمالِ والكمالِ، وهو كمالُ الأسماءِ، وجمالُ الصفاتِ، وجمالُ الأفعالِ الدالُّ على كمالِ الذاتِ؛ فيستنفذُ حُبُّه من قلبِ العبدِ قُوةَ الحبِّ كلِّها، بحسبِ ما عَرَفَهُ من صفاتِ جمالِه ونعوتِ كمالِه، فيصبحُ فؤادُ عبدِه فارغًا إلَّا من محبَّتِه، فإذا أرادَ منه الغيرُ أن يُعلِّقَ تلكَ المحبةِ به أَبَى قلبُه وأحشاؤُه ذلكَ كلَّ الإباءِ، كما قيلَ:
يُرادُ من القلبِ نسيانُكُم ... وتَابَى الطباعُ على النَّاقل

فتبقَى المحبةُ له طبعًا لا تكلفًا ..
وإذا تجلَّى بصفاتِ الرحمةِ والبرِّ واللُّطفِ والإحْسانِ، انبعثَتْ قوَّةُ الرجاءِ من العبدِ، وانبَسَطَ أمَلُهُ، وقويَ طمعُهُ، وسارَ إلى ربِّه وحادِي الرجاءِ يحدُو ركابَ سيرِه. وكلَّما قوِيَ الرَّجاءُ، جدَّ في العملِ، كما أنَّ الباذرَ كلَّما قويَ طمعُه في المغلِّ [2] غلقَ أرضَه بالبذرِ، وإذا ضَعُفَ رجاؤُه قصَّرَ في البَذْرِ.
وإذا تجلَّى بصفاتِ العدلِ والانتقامِ والغضبِ والسخطِ والعقوبةِ، انقمعتِ [3] النفسُ الأمَّارةِ، وبطلتْ أو ضعفتْ قُوَاها: من الشهوةِ، والغضبِ،

(1) الفوائد (ص:105 - 108).
[2] المغلّ: هنا بمعنى ناتج الأرض.
[3] قمعه وأقمعه: أي قهره وأذله (فانقمع).
اسم الکتاب : تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد» المؤلف : أحمد بن عثمان المزيد    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست