responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد» المؤلف : أحمد بن عثمان المزيد    الجزء : 1  صفحة : 30
ويرى أهلَها وعشاقَها صَرعَى حولَها، قد بَدَّعَتْ بهم [1]، وعذبَتْهم بأنواعِ العذابِ، وأذاقتْهم أمرَّ الشرابِ. أضحكَتْهم قليلًا، وأبكَتْهم طويلًا. سَقَتْهم كؤوسَ سُمِّها، بعد كؤوسِ خمرِها. فسكروا بحبِّها. وماتوا بهجرِها.
2 - شاهد الآخرة:
فإذا قام بالعبدِ هذا الشاهدُ منها: ترحَّل قلبُه عنها، وسافر في طلبِ الدارِ الآخرةِ وحينئذٍ يقومُ بقلبِه شاهدٌ من الآخرةِ ودوامِها، وأنها هي الحيوانُ حقًا. فأهلُها لا يرتحلون منها، ولا يظْعَنون عنها، بل هي دارُ القرارِ، ومحطُّ الرحالِ، ومنتهى السيرِ، وأن الدنيا بالنسبةِ إليها ـ كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ما الدُّنيا في الآخرةِ إلا كما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ، فلينظُرْ بم ترجِعُ؟» [2]، وقال بعضُ التابعينَ: ما الدنيا في الآخرةِ إلا أقلُّ من ذرةٍ واحدةٍ في جبالِ الدنيا.
3 - شاهد النار:
ثم يقومُ بقلبِه شاهدٌ من النارِ، وتَوَقُّدِها واضطرامِها، وبُعْدِ قعرِها، وشدةِ حَرِّها، وعظيمِ عذابِ أهلِها. فيشاهدُهم وقد سِيقوا إليها سُودَ الوجوهِ، زُرقَ العيونِ، والسلاسلُ والأغلالُ في أعناقِهم. فلما انتهوا إليها: فُتِّحتْ في وجوهِهم أبوابُها. فشاهدوا ذلك المنظرَ الفظيعَ، وقد تقَطَّعتْ قلوبُهم حسرةً وأسفًا {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف:53]، فأراهم شاهدُ الإيمانِ، وهم إليها يُدفعونَ. وأتى

[1] بدّعت بهم: خذلتهم.
[2] مسلم (2858)، الترمذي (2323)، ابن ماجه (4108).
اسم الکتاب : تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد» المؤلف : أحمد بن عثمان المزيد    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست