اسم الکتاب : ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : الرومي، محمد بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 116
طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} يقول: فاتخذ لهم في البحر طريقا يابسًا، واليَبَس واليَبْس: يجمع أيباس، تقول: وقفوا في أيباس من الأرض، واليَبْس المخفف: يجمع يبوس.
وأما قوله {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} فإنه يعني: لا تخاف من فرعون وجنوده أن يدركوك من ورائك، ولا تخشى غرقًا من بين يديك ووحلًا.
وقوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ. وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى}.
يقول تعالى ذكره: فسرى موسى ببني إسرائيل إذ أوحينا إليه أن أسر بهم، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده في اليم ما غشيهم، فغرقوا جميعًا {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} يقول جلّ ثناؤه: وجاوز فرعون بقومه عن سواء السبيل، وأخذ بهم على غير استقامة، وذلك أنه سلك بهم طريق أهل النار، بأمرهم بالكفر بالله، وتكذيب رسله {وَمَا هَدَى} يقول: وما سلك بهم الطريق المستقيم، وذلك أنه نهاهم عن اتباع رسول الله موسى عليه السلام، والتصديق به، فأطاعوه، فلم يهدهم بأمره إياهم بذلك، ولم يهتدوا بإتباعهم إياه» [1].
وقال الشوكاني رحمه الله: «هذا شروع في إنجاء بني إسرائيل وإهلاك عدوهم، {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} أي اجعل لهم طريقًا، ومعنى {يَبَسًا}: يابسًا، وصف به الفاعل مبالغة، وذلك أن الله تعالى أيبس لهم تلك الطريق حتى لم يكن فيها ماء ولا طين {لَا تَخَافُ دَرَكًا} في محل نصب على الحال، أي آمنا من أن يدرككم العدو، أو صفة أخرى لطريق، والدرك اللحاق بهم من فرعون وجنوده. وقوله {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} أي [1] جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، 18/ 343.
اسم الکتاب : ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : الرومي، محمد بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 116