responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : الرومي، محمد بن إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 109
يستطيع بلوغ ما يريد لأن المراد لا ينال غالبًا إلا بتحمل المكاره وحبس النفس عليها. وهذا مطرد في جميع أمور الحياة، فالطالب يحبس نفسه على المذاكرة والدرس وكف نفسه عما تهواه من لذة وراحة حتى يستوعب الدروس لينجح في الامتحان، وكذلك التاجر، وكذلك أي صاحب غرض يريد نواله. وما يقال عن الأفراد يقال عن الأمم، فالأمة التي تريد بلوغ ما تصبو إليه تحتاج إلى صبر عظيم وتحمل للمشاق، والانتصار في الحروب يكون بجانب الذي يملك أسبابه، ومن أعظم أسبابه الصبر، فالصبر إذن ضروري لكل إنسان في الحياة وإلا صار هشًا سريع الانكسار أمام الأحداث وما أكثرها في الحياة، فإنها مملوءة بالمنغصات والمشقات والصعاب والمؤلمات، فإذا لم يقابلها بشيء من الصبر انكسر وتفتت وتمزقت شخصيته في دروب الحياة فتسحقه الأقدام وتلقيه بعيداً عن طريق المارين .. وإذا كان الصبر ضروريًا لأي إنسان، لا سيما للمسلم، فإن الصبر للداعي المسلم أشد ضرورة له من غيره، لأنه يعمل في ميدانين ميدان نفسه، يجاهدها ويحملها على الطاعة ويمنعها من المعصية وميدان خارج نفسه، وهو ميدان الدعوة إلى الله، ومخاطبة الناس في موضوعها، فيحتاج إلى قدر كبير من الصبر في المجالين. مجال النفس ومجال الدعوة، حتى يستطيع تجاوز العقبات وتحمل الأذى، فان فقد الصبر قعد أو انسحب من الميدان وحق عليه الحساب وفاته الثواب» [1].
«وإذا كان الابتلاء مما قضت به سنة الله في الحياة، فإن ابتلاء الدعاة إلى الله مما جرت به السنة الإلهية أيضًا؛ فهم يبتلون بأذى الكفرة والمارقين بالقول والكيد واليد. قال تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [2].

[1] أصول الدعوة، د. عبد الكريم زيدان ص 336، ط/ 2، مؤسسة الرسالة، بيروت: 1420 هـ - 2000 م.
[2] سورة الأنعام، الآية: 34.
اسم الکتاب : ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : الرومي، محمد بن إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست