اسم الکتاب : جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية المؤلف : عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 134
ونفس الحياة هي نفس العلم، ونفس العلم نفس الفعل، ونفس الحياة هي نفس العلم والإبداع، ونحو ذلك معلوم الفساد بالضرورة؛ فإن هذه حقائق متنوعة، فإن جعلت هذه الحقيقة هي تلك كان بمنْزلة من يقول: أن حقيقة السواد حقيقة البياض، وحقيقة البياض حقيقة الطعم، وحقيقة الطعم حقيقة اللون.
وأمثال ذلك مما يجعل الحقائق المتنوعة حقيقة واحدة فمن قال: إن العلم هو المعلوم، والمعلوم هو العلم فَضَلالُه بيِّن، فالتمييز بين مسمى المصدر ومسمى اسم الفاعل واسم المفعول، والتفريق بين الصفة والموصوف مستقر في فِطَر الناس وعقولهم، وفي لغات جميع الأمم، ومن جعل أحدهما هو الآخر كان قد أتى بما لا يخفى فساده على من تصور ما يقول.
فمن قال: إن ذاته تعرف بدون معرفة شيء من أسمائه وصفاته الثبوتية والسلبية، فقوله معلوم البطلان، ممتنع وجود ذلك في الأعيان. ولو قدر إمكان ذلك، وفرض العبد في نفسه ذاتا مجردة عن جميع القيود السلبية والثبوتية فليس ذلك معرفة بالله البتة، وليس رب العالمين ذاتا مجردة عن كل أمر سلبي أو ثبوتي، ولهذا كان كثير من الملاحدة لا يصلون إلى هذا الحد، بل يقولون كما يقول أبو يعقوب السجستاني وغيره من الملاحدة: نحن لا ننفي النقيضين، بل نسكت عن إضافة واحد منهما إليه، فلا نقول هو موجود ولا معدوم، ولا حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل. فيقال لهم: إعراض قلوبكم عن العلم به، وكف ألسنتكم عن ذكره لا يوجب أن يكون هو في نفسه مجردا عن النقيضين، بل يفيد كفركم بالله وكراهتكم لمعرفته وذكره وعبادته، وهذا حقيقة مذهبكم.
الوجه الخامس إثبات أهل السنة لذات الله وصفاته وتنزيههما
(الوجه الخامس) : أن يقال: مذهب أهل السنة والجماعة ومن تبعهم بإحسان أن كل ما وَصَف به الرب نفسه من صفاته فهي صفات مختصة به، غير مخلوقة بائنة منفصلة عنه، بل يمتنع أن يكون له فيها مشارك أو مماثل، فإن ذاته المقدسة لا تماثل شيئا من الذوات، وكذلك صفاته المختصة به لا تماثل شيئا من الصفات؛ لأنه –سبحانه- أحد صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، فاسمه الأَحَد دلَّ على نفي المشاركة والمماثلة، واسمه الصَّمَد دلَّ على أنه مستحق لصفات الكمال.
اسم الکتاب : جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية المؤلف : عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 134