اسم الکتاب : جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية المؤلف : عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 115
فقلنا لهم: لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم؟ فقالوا: لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه؛ لأن المنظور إليه معمول موصوف، فقلنا لهم: أليس الله يقول: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [1]؟ فقالوا: إنما معناه أنها تنظر الثواب من ربها، وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته، وتلوا آية من القرآن: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [2] المعنى: ألم تر إلى فعل ربك.
فقلنا: إن فعل الله لم يزل العباد يرونه، وإنما قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [3]، فقالوا: إنما تنتظر الثواب من ربها. فقلنا: إنها مع ما تنتظر من الثواب، هي ترى ربها. فقالوا: إن الله لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وتلوا آية من المتشابه من قوله -جل ثناؤه-: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [4].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف معنى قول الله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [5] وقال: "إنكم سترون ربكم"[6] وقال الله لموسى –عليه السلام {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [7] ولم يقل لن أرى، فأيهما أولى أن يتبع؟ النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "إنكم سترون ربكم" [8] أم جهم حين قال: لا ترون ربكم؟ والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يرون ربهم، لا يختلف أهل العلم في ذلك.
ومن حديث سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد في قول الله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [9] قال: النظر إلى وجه الله.
ومن حديث ثابت البُناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " إذا استقر أهل الجنة في الجنة نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن الله قد أذن لكم في الزيارة، قال: فيكشف الحجاب، فينظرون إلى الله لا إله إلا هو ".
وإنا لنرجو أن يكون جهم وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله؛ لأن الله قال للكفار: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [10].
فإذا كان الكافر يُحجب عن الله، والمؤمن يُحجب عن الله، فما فضل المؤمن على الكافر؟
فالحمد لله الذي لم يجعلنا مثل جهم وشيعته، وجعلنا ممن اتبع، ولم يجعلنا ممن ابتدع. انتهى كلام أحمد بحروفه ولفظه.
وهذا الكتاب -الذي نقلت منه هذا الكلام- رواه عن أحمد أئمة أصحابه [1] سورة القيامة آية: 23. [2] سورة الفرقان آية: 45. [3] سورة القيامة آية: 22. [4] سورة الأنعام آية: 103. [5] سورة الأنعام آية: 103. [6] البخاري: مواقيت الصلاة (554) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633) , والترمذي: صفة الجنة (2551) , وأبو داود: السنة (4729) , وابن ماجه: المقدمة (177) , وأحمد (4/360 ,4/362 ,4/365) . [7] سورة الأعراف آية: 143. [8] البخاري: مواقيت الصلاة (554) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633) , والترمذي: صفة الجنة (2551) , وأبو داود: السنة (4729) , وابن ماجه: المقدمة (177) , وأحمد (4/360 ,4/362 ,4/365) . [9] سورة يونس آية: 26. [10] سورة المطففين آية: 15.
اسم الکتاب : جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية المؤلف : عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 115