أدلة وجود الله وتوحيده:
إلى جانب تلك الحجة النابعة من داخل الإنسان وأعماق نفسه فإن هناك حججا خارجية في الأنفس والآفاق, تجمعها حقيقة عقلية أولية واحدة، وهي دلالة الأثر على المؤثر، وهذه الحجج تنتظم ما لا يحصى من آحاد الأدلة، إذ العالم كله دليل وشاهد على وجود الله وتوحيده، ولهذا جنح أهل العلم لحصر أنواع الأدلة دون آحادها، وذلك بطرق متعددة، وتحت أسماء مختلفة، منها:
1 - دليل الخلق والاختراع: فما يعلمه كل عاقل بالمشاهدة والضرورة العقلية من وجود المخلوقات بعد العدم دليل قاطع على وجود الخالق وتوحيده، وذلك لافتقار المخلوق إلى الخالق، واحتياج المحدَث للمحدِث، قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36]، وقال: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: 23 - 28]. وهذا النوع من الاستدلال يرتكز على أصلين معلومين بداهة:
أحدهما: حدوث المخلوقات: وهذا معلوم بالمشاهدة في آحاد الحيوان والنبات، وبالضرورة العقلية في الكواكب وسائر [1] مجموع الفتاوى 10/ 135، وانظر: الأدلة العقلية للعريفي ص191 - 209.
اسم الکتاب : حقيقة المثل الأعلى وآثاره المؤلف : عيسى السعدي الجزء : 1 صفحة : 66