اسم الکتاب : دراسات في التصوف المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 200
هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية , وأما الإمام ابن الجوزي فأيضاً قد فصل القول في تحريم الغناء والمنع منه مستدلاً من الكتاب والسنة , وذكر في آخر الكلام قول أبي عبد الله بن بطة العكبري قال:
" سألني سائل عن استماع الغناء , فنهيته عن ذلك وأعلمته أنه مما أنكرته العلماء واستحسنه السفهاء , وإنما تفعله طائفة سمّوا بالصوفية , وسماهم المحققون الجبرية , أهل همم دنيئة وشرائع بدعية يظهرون الزهد وكل أسبابهم ظلمة , ويدعون الشوق والمحبة بإسقاط الخوف والرجاء , يسمعونه من الأحداث والنساء ويطربون ويصعقون ويتغاشون ويتماوتون , ويزعمون أن ذلك من شدة حبهم لربهم وشوقهم إليه , تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً " [1].
وقال هو نفسه: " إن الغناء يخرج الإنسان عن الإعتدال ويغيّر العقل , وبيان هذا أن الإنسان إذا طرب فعل ما يستقبحه في حال صحته من غيرة من تحريك رأسه , وتصفيق يديه , ودقّ الأرض برجليه إلى غير ذلك مما يفعله أصحاب العقول السخيفة , والغناء يوجب ذلك بل يقارب فعله فعل الخمر في تغطية العقل , فينبغي أن يقع المنع منه " [2].
هذا وقد ذمّ الغناء الصوفي المشهور ابن زروق في كتابه (قواعد التصوف) وبيّن مساويه وجعله موجباً للزنا [3].
والسهروردي أيضاً قد أحسن وأجاد في هذا حيث كتب:
" وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى) وروى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما نهيت عن صوتين فاجرين صوت عند نعمة , وصوت عند مصيبة) , وقد روى عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: ما غنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , وروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [1] تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 229. [2] أيضاً. [3] أنظر قواعد التصوف لابن زروق ص 70.
اسم الکتاب : دراسات في التصوف المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 200