اسم الکتاب : دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد المؤلف : عبد الله بن صالح الغصن الجزء : 1 صفحة : 278
ويبين شيخ الإسلام رحمه الله أن القول بأن الأجسام مركبة من الجواهر المفردة قول لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين، لا من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من بعدهم من الأئمة المعروفين [1] .
وذكر مضمون كلام القائلين بالجوهر الفرد وهو: (أن الله لم يخلق منذ خلق الجواهر المفردة شيئاً قائماً بنفسه، لا سماءً، ولا أرضاً، ولا حيواناً، ولا نباتاً، بل إنما يحدث تركيب تلك الجواهر القديمة فيجمعها ويفرقها، والحوادث المتتابعة أعراض قائمة بتلك الجواهر، لا أعيان قائمة بنفسها) [2] ، وقال بعد ذلك: إن (هذا خلاف ما دل عليه السمع والعقل والعيان، ووجود جواهر لا تقبل القسمة منفردة عن الأجسام مما يعلم بطلانه بالعقل والحس، فضلاً عن أن يكون الله تعالى لم يخلق عيناً قائمة بنفسها إلا ذلك) [3] .
وذكر رحمه الله جانباً آخر من جوانب إثبات المتكلمين للجوهر الفرد وهو أن الأجسام لا يستحيل بعضها إلى بعض، بل الجواهر التي كانت مثلاً في الأول، هي بعينها باقية في الثاني، وإنما تغيرت أعراضها، وقال بعد ذلك: (هذا خلاف ما أجمع عليه العلماء - أئمة الدين وغيرهم من العقلاء - من استحالة بعض الأجسام إلى بعض، كاستحالة الإنسان وغيره من الحيوان بالموت تراباً، واستحالة الدم والميتة والخنزير وغيرها من الأجسام النجسة ملحاً أو رماداً، واستحالة العذرات تراباً، واستحالة العصير خمراً، ثم استحالة الخمر خلاً، واستحالة ما يأكله الإنسان ويشربه بولاً ودماً وغائطاً ونحو ذلك) [4] .
إن الأجسام إذا صغرت أجزاؤها فإنها تستحيل كما هو موجود في أجزاء الماء إذا تصغّر فإنه يستحيل هواء، فلا يبقى موجود ممتنع من القسمة، بل يقبل [1] انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية 2/139. [2] منهاج السنة النبوية لابن تيمية 2/139. [3] منهاج السنة النبوية لابن تيمية 2/139. [4] منهاج السنة النبوية 2/140.
اسم الکتاب : دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد المؤلف : عبد الله بن صالح الغصن الجزء : 1 صفحة : 278