responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 377
فَالْمَحَبَّة التَّامَّة مُسْتَلْزِمَة لِمُوَافَقَة الْمَحْبُوبِ فِي مَحْبُوبِه وَمَكْرُوهِه، وَوِلَايَتِه وَعَدَاوَتِه. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ الْمَحَبَّة الْوَاجِبَة فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْغِضَ أَعْدَاءَه، وَلَا بُدَّ أَنْ يُحِبَّ مَا يُحِبُّه مِنْ جِهَادِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [1]. وَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ بِحَسَبِ مَا فِيهِمْ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَجْتَمِعُ فِيهِ سَبَبُ الْوِلَايَة وَسَبَبُ الْعَدَاوَة، وَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ، فَيَكُونُ مَحْبُوبًا مِنْ وَجْه مَبْغُوضًا مِنْ وَجْه، وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ. وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ يُحِبُّ الشَّيْءَ مِنْ وَجْه وَيَكْرَهُه مِنْ وَجْه آخَرَ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّه عَزَّ وَجَلَّ: «وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُه تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَه الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَه مَسَاءَتَه، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ». فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ تَعَارُضُ إِرَادَتَيْنِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ مَا يُحِبُّ عَبْدُه الْمُؤْمِنُ، وَيَكْرَه مَا يَكْرَهُه، وَهُوَ يَكْرَه الْمَوْتَ فَهُوَ يَكْرَهُه، كَمَا قَالَ: "وَأَنَا أَكْرَه مَسَاءَتَه"، وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَضَى بِالْمَوْتِ، فَهُوَ يُرِيدُ كَوْنَه، فَسَمَّى ذَلِكَ تَرَدُّدًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ ذَلِكَ، إِذْ هُوَ مُفْضِ إِلَى مَا هُوَ أَحَبُّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَنَقُولُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فِيمَا اشْتَبَه عَلَيْنَا عِلْمُه).
ش: تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِه إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَه عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِه. وَمَنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَإِنَّمَا يَتَّبِعُ هَوَاه، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [2]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى}

[1] سورة الصَّفِّ آية 4
[2] سورة الْقَصَصِ آية 50
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست