responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 359
الْمُتَعَاوِنَة مَا يُعَارِضُهَا وَيُمَانِعُهَا، فَلَا يَتِمُّ الْمَطْلُوبُ إِلَّا بِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ.
وَكُلُّ سَبَبٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْمُقْتَضِي، فَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ مُقْتَضٍ تَامٌّ، وَإِنْ سُمِّي مُقْتَضِيًا، وَسُمِّي سَائِرُ مَا يُعِينُه شُرُوطًا - فَهَذَا نِزَاعٌ لَفْظِي. وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ عِلَّة تَامَّة تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا فَهَذَا بَاطِلٌ.
وَمَنْ عَرَفَ هَذَا حَقَّ الْمَعْرِفَة انْفَتَحَ لَهُ بَابُ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسْأَلَ غَيْرُهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ، وَلَا يُتَوَكَّلَ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُرْجَى غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه، وَنُصَدِّقُهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى مَا جَاءُوا بِهِ).
ش: الْإِشَارَة بِذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ، مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ تَفْصِيلًا، وَقَوْلُهُ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه، إِلَى آخِرِ كَلَامِه - أَيْ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ بِأَنْ نُؤْمِنَ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرَ بِبَعْضٍ، بَلْ نُؤْمِنُ بِهِمْ وَنُصَدِّقُهُمْ كُلَّهُمْ، فَإِنَّ مَنْ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ، كَافِرٌ بِالْكُلِّ. قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [1]. فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِه آمَنَ بِمَنْ آمَنَ [به] مِنْهُمْ - مَوْجُودٌ في الذي لَمْ يُؤْمِنْوا بِهِ، وَذَلِكَ الرَّسُولُ الَّذِي آمَنَ بِهِ قَدْ جَاءَ بِتَصْدِيقِ بَقِيَّة الْمُرْسَلِينَ، فَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ بِبَعْضِ الْمُرْسَلِينَ كَانَ كَافِرًا بِمَنْ فِي زَعْمِه أنه يُؤْمِنٌ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّسُولَ قَدْ جَاءَ بِتَصْدِيقِ الْمُرْسَلِينَ كُلِّهِمْ، فَكَانَ كَافِرًا حَقًّا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَكَانَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.

قَوْلُهُ: (وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ، إِذَا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبِينَ بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللَّهَ عَارِفِينَ. وَهُمْ فِي مَشِيئَتِه وَحُكْمِه، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِه، كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [2]، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّارِ بِعَدْلِه، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِرَحْمَتِه وَشَفَاعَة الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِه، ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ إِلَى جَنَّتِه. وَذَلِكَ بِأَنَّ الله تعالى مَوَلَّى أَهْلَ مَعْرِفَتِه، وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ فِي الدَّارَيْنِ كَأَهْلِ نَكَرَتِه، الَّذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِه، وَلَمْ يَنَالُوا مِنْ وِلَايَتِه. اللَّهُمَّ يَا وَلِي الْإِسْلَامِ وَأَهْلِه، ثَبِّتْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ).
ش: فَقَوْلُهُ وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ،

[1] سورة النِّسَاءِ الآيتان 150 - 151
[2] سورة النِّسَاءِ آية 48
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست