responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 339
{إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [1]، - بِأَنَّه يَعُودُ إِلَى الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، فَأَمَّا الدُّخُولُ فَلَا شَكَّ فِيهِ! وَقِيلَ: لَتَدْخُلُنَّ جَمِيعُكُمْ أَوْ بَعْضُكُمْ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَمُوتُ!.
وَفِي كِلَا الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ: فَإِنَّهُمْ وَقَعُوا فِيمَا فَرُّوا مِنْهُ، فَأَمَّا الْأَمْنُ وَالْخَوْفُ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ آمِنِينَ، مَعَ عِلْمِه بِذَلِكَ، فَلَا شَكَّ فِي الدُّخُولِ، وَلَا فِي الْأَمْنِ، وَلَا فِي دُخُولِ الْجَمِيعِ أَوِ الْبَعْضِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ مَنْ يَدْخُلُ، فَلَا شَكَّ فِيهِ أَيْضًا، فَكَانَ قَوْلُ: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ"هُنَا تَحْقِيقًا لِلدُّخُولِ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِيمَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَه لَا مَحَالَة: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا يَقُولُهَا لِشَكٍّ فِي إِرَادَتِه وَعَزْمِه، وَلَكِنْ إِنَّمَا لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِحُصُولِ مُرَادِه.
وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ: أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَعْلِيمًا لَنَا كَيْفَ نَسْتَثْنِي إِذَا أَخْبَرْنَا عَنْ مُسْتَقْبَلٍ. وَفِي كَوْنِ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا مِنَ النَّصِّ - نَظَرٌ [2]، فَإِنَّهُ مَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ إِشَارَة النَّصِّ.
وَأَجَابَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِجَوَابَيْنِ آخَرَيْنِ بَاطِلَيْنِ، وَهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَلَكُ قَدْ قَالَهُ، فَأُثْبِتَ قُرْآنًا! أَوْ أَنَّ الرَّسُولَ قاله!! فعند هذا المسكين يكون من القرآن ما هو غير كلام الله! فيدخل في وعيد مَنْ قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [3]. نسأل الله العافية.
وَأَمَّا مَنْ يُجَوِّزُ الِاسْتِثْنَاءَ وَتَرْكَه، فَهُمْ أَسْعَدُ بِالدَّلِيلِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا: فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَثْنِي الشَّكَّ فِي أَصْلِ إِيمَانِه مُنِعَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ}

[1] سورة الْفَتْحِ آية 27
[2] في المطبوعة «ففيه نظر». وإقحام «ففيه» غير مستقيم في سياق الجملة
[3] سورة المدثر آية 25
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست