responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 336
وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ -: كَانَ الْمُرَادُ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ الْمُرَادِ مِنَ الْآخَرِ. وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ عَلَانِيَة، وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ». وَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا شَمِلَ مَعْنَى الْآخَرِ وَحُكْمَه، وَكَمَا فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَنَظَائِرِه، فَإِنَّ لَفْظَي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ إِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، وإذا افترقا اجتمعا، فَهَلْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [1] - أَنَّهُ يُعْطَى الْمُقِلُّ دُونَ الْمُعْدِمِ، أَوْ بِالْعَكْسِ؟ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [2].
وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا تَشْنِيعُ مَنْ قَالَ: مَا حُكْمُ مَنْ آمَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ؟ أَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُؤْمِنْ؟ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟ فَمَنْ أَثْبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمًا لَيْسَ بِثَابِتٍ لِلْآخَرِ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِهِ!.
وَيُقَالُ لَهُ فِي مُقَابَلَة تَشْنِيعِه: أَنْتَ تَقُولُ: الْمُسْلِمُ هُوَ الْمُؤْمِنُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [3]، فَجَعَلَهُمَا غَيْرَيْنِ، وَقَدْ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّي لِأَرَاه مُؤْمِنًا؟ قَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا»، قَالَهَا ثَلَاثًا، فَأَثْبَتَ له [اسم] [4] الْإِسْلَامَ وَتَوَقَّفَ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ، فَمَنْ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ - كَانَ مُخَالِفًا، وَالْوَاجِبُ رَدُّ مَوَارِدِ النِّزَاعِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ يَتَرَاءَى فِي بَعْضِ النُّصُوصِ مُعَارَضَة، وَلَا مُعَارَضَة بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي التَّوْفِيقِ، وَبِاللَّه التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [5] - عَلَى تَرَادُفِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَلَا حُجَّة فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ الْمُخْرَجَ كَانُوا مَتصُفِينَ [6] بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّصَافِ بِهِمَا تَرَادُفُهُمَا.

[1] سورة الْمَائِدَة آية 89
[2] سورة الْبَقَرَة آية 271
[3] سورة الْأَحْزَابِ آية 35
[4] ليست في الأصل. وأثبتناها، من النسخ الأخرى. ن
[5] سورة الذَّارِيَاتِ الآيتان 35، 36
[6] في المطبوعة «كانوا مؤمنين». وهو تحريف واضح، يأباه سياق الكلام
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست