responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 294
يَقْرَأُ خِلَافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، [فذكرت] [1] ذَلِكَ لَهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهَةَ، وَقَالَ: كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ [2].
نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِيهِ جَحْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ مَا مَعَ صَاحِبِهِ مِنَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ كِلَا الْقَارِئَيْنِ كَانَ مُحْسِنًا فِيمَا قَرَأَهُ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا، وَلِهَذَا قَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تَخْتَلِفْ كَمَا اخْتَلَفَتِ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ. فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ اجْتِمَاعًا سَائِغًا وَهُمْ مَعْصُومُونَ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ضلال، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَرْكٌ لِوَاجِبٍ، وَلَا فِعْلٌ لِمَحْظُورٍ، إِذْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ جَائِزَةً لَا وَاجِبَةً، رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهِمْ فِي أَيِّ حَرْفٍ اخْتَارُوهُ، كَمَا أَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ مَنْصُوصًا. وَلِهَذَا كَانَ تَرْتِيبُ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ، وَكَذَلِكَ مُصْحَفُ غَيْرِهِ. وَأَمَّا تَرْتِيبُ آيَاتِ السُّوَرِ فَهُوَ تَرْتِيبٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا آيَةً عَلَى آيَةٍ، بِخِلَافِ السُّوَرِ، فَلَمَّا رَأَى الصَّحَابَةُ أَنَّ الْأُمَّةَ تَفْتَرِقُ وَتَخْتَلِفُ وَتَتَقَاتَلُ إِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، جَمَعَهُمُ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ. هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُرَّاءِ، قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ.
مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ التَّرَخُّصَ فِي الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، لِمَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا، فَلَمَّا تَذَلَّلَتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ، وَكَانَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ يَسِيرًا عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَوْفَقُ لَهُمْ -: أَجْمَعُوا عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي كَانَ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ.
وَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنَ الفقهاء وأهل

[1] في الأصل (فذكر) والصواب ما أثبتناه، كما في سائر النسخ. ن.
[2] نسبة الحديث لمسلم خطأ، إما من الشارح، وإما من الناسخ، بل هو لفظ البخاري 51 - 52 من فتح الباري. وقد نص الحافظ في الفتح - في خاتمة كتاب الاستقراض 5/ 55 - 56 على أنه لم يروه مسلم. وقد رواه أحمد في المسند بنحوه، مطولا ومختصرا: 3724، 3907، 3908، 3992، 3993، 4322، 4364.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 294
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست