responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 275
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَكَمَا أَنَّ مَنْزِلَةَ الْخُلَّةِ الثَّابِتَةِ لِإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَدْ شَارَكَهُ فِيهَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ، كَذَلِكَ مَنْزِلَةُ التَّكْلِيمِ الثَّابِتَةِ لِمُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَدْ شَارَكَهُ فِيهَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ.
وَهُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ طُلِبَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلُ مَا لِإِبْرَاهِيمَ، مَعَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْمُشَبَّهِ؟ وَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ؟ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْعُلَمَاءُ بِأَجْوِبَةٍ عَدِيدَةٍ، يَضِيقُ هَذَا الْمَكَانُ عَنْ بَسْطِهَا، وَأَحْسَنُهَا: أَنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ لَيْسَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُمْ، فَإِذَا طُلِبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِآلِهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلُ مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ - وَفِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ - حَصَلَ لِآلِ مُحَمَّدٍ ما يليق بهم، فإنهم لَا يَبْلُغُونَ مَرَاتِبَ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ الَّتِي لِلْأَنْبِيَاءِ وَفِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْمَزِيَّةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ.
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ آلِ إِبْرَاهِيمَ، فَيَكُونُ قَوْلُنَا: "كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ"- مُتَنَاوِلًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ.

[[وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِإِبْرَاهِيمَ أَيْضًا. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 33] فَإِبْرَاهِيمُ وَعِمْرَانُ دَخَلَا فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [الْقَمَرِ: 34]. فَإِنَّ لُوطًا دَاخِلٌ فِي آلِ لُوطٍ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ} [الْبَقَرَةِ: 49] وَقَوْلِهِ: {أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [المؤمن: 46] فَإِنَّ فِرْعَوْنَ دَاخِلٌ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَكْثَرُ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فِيهَا كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ, وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَرِدْ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا فِي قَلِيلٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، يَدْخُلُ آلُهُ تَبَعًا. وَفِي قَوْلِهِ: كَمَا صليت على آل إبراهيم، هو داخل آلِ إِبْرَاهِيمَ, وَكَذَلِكَ لَمَّا جَاءَ أَبُو أَوْفَى رضي الله عنه بصدقة إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «اللهم صل على آل أبي أوفى»]] (*)

وَلَمَّا كَانَ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْرَفَ بُيُوتِ الْعَالَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، خَصَّهُمُ اللَّهُ بِخَصَائِصَ:
مِنْهَا: أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، فَلَمْ يَأْتِ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ نَبِيٌّ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بَعْدَهُمْ فَإِنَّمَا دَخَلَ مِنْ طَرِيقِهِمْ وَبِدَعْوَتِهِمْ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ اتَّخَذَ منهم الخليلين، كما تقدم ذكره.

(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: الفقرة بين [[المعكوفين المزدوجين]] ليست في المطبوعة واستدركتها من مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست