responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 83
شُفَعَاءَ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر: [3]]. {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة يُونُسَ: 18].
وَكَذَلِكَ كَانَ حَالُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ, [كَمَا] حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عنهم فِي قِصَّةِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ التِّسْعَةِ الرهط الَّذِينَ تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ، [أَيْ تَحَالَفُوا بِاللَّهِ]، لَنُبِيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ, فَهَؤُلَاءِ الْمُفْسِدُونَ الْمُشْرِكُونَ تَحَالَفُوا بِاللَّهِ عِنْدَ قتل نبيهم وأهله، وهذا بين أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ إِيمَانَ الْمُشْرِكِينَ.
فَعُلِمَ أَنَّ التَّوْحِيدَ الْمَطْلُوبَ هُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ[1]، الَّذِي يَتَضَمَّنُ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ, قَالَ تَعَالَى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة الروم: 30]. {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ، وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ، لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ، وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [سورة الرُّومِ: 31 - 36]. وَقَالَ تَعَالَى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة إِبْرَاهِيمَ: 10] , وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ" [2], وَلَا يُقَالُ: إِنَّ مَعْنَاهُ يُولَدُ سَاذِجًا لَا يَعْرِفُ تَوْحِيدًا وَلَا شِرْكًا، كما قال بَعْضُهُمْ؛ لِمَا تَلُونَا، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ" [3] الْحَدِيثَ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، حَيْثُ قَالَ: "يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ" , وَلَمْ يقل: ويسلمانه. وفي

[1] ذكر المؤلف النوع الأول والثاني، ولم نجد في النسخة المخطوطة أو في النسخ المطبوعة ذكرا للثالث، ويبدو أن محله هنا.
[2] متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو مخرج في "إرواء الغليل" "1220".
[3] رواه مسلم وأحمد من حديث عياض بن حمار.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست