responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 470
اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْهُ سيئا فهو عند الله سيئ[1], [وَفِي رِوَايَةٍ]: وَقَدْ رَأَى أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا أَنْ يَسْتَخْلِفُوا أَبَا بَكْرٍ, وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ ... إِلَخْ, عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ: وَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ.
فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَكُونُ فِي قلبه غل على خيار الْمُؤْمِنِينَ، وَسَادَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ النَّبِيِّينَ؟ بل قد فضلهم الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِخَصْلَةٍ، قِيلَ لِلْيَهُودِ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُوسَى، وَقِيلَ لِلنَّصَارَى: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ عِيسَى، وَقِيلَ لِلرَّافِضَةِ: مَنْ شَرُّ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ!! لَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَفِيمَنْ سَبُّوهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّنِ اسْتَثْنَوْهُمْ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ, أَيْ لَا نَتَجَاوَزُ الْحَدَّ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، كَمَا تَفْعَلُ الشِّيعَةُ، فَنَكُونُ مِنَ الْمُعْتَدِينَ. قَالَ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النِّسَاءِ: 171].
وَقَوْلُهُ: وَلَا نَتَبَرَّأُ [مِنْ أَحَدٍ] مِنْهُمْ, كَمَا فَعَلَتِ الرَّافِضَةُ! فَعِنْدَهُمْ لَا وَلَاءَ إِلَّا بِبَرَاءٍ، أَيْ لَا يَتَوَلَّى أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا!! وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُوَالُونَهُمْ كُلَّهُمْ، وَيُنْزِلُونَهُمْ مَنَازِلَهُمِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَهَا، بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، لَا بِالْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ, فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الْبَغْيِ الَّذِي هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [الْجَاثِيَةِ: 17]. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ: الشَّهَادَةُ بِدْعَةٌ، وَالْبَرَاءَةُ بِدْعَةٌ, يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، مِنْهُمْ: أَبُو سعيد الخدري، والحسن

[1] حسن موقوفا، أخرجه الطيالسي وأحمد وغيرهما بسند حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، واشتهر على الألسنة مرفوعا، وفي سنده كذاب، والصحيح وقفه، وهما مخرجان في "الضعيفة" "532 و533".
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 470
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست