responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 259
وَقَوْلُهُ: وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ. آخِرِهِ التَّعَمُّقُ: هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي طَلَبِ الْقَدَرِ وَالْغَوْصِ فِي الْكَلَامِ فِيهِ ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ. الذَّرِيعَةُ: الْوَسِيلَةُ. والذريعة والدرجة والسلم متقاربة المعنى، وكذلك الخذلان والحرمان والطغيان متقاربة المعنى أيضا. لكن الخذلان فِي مُقَابَلَةِ الظَّفَرِ, وَالطُّغْيَانَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِقَامَةِ.
وَقَوْلُهُ: فَالْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرًا وَفِكْرًا وَوَسْوَسَةً. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ" [1]. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلك صريح الإيمان إلى تعاظم أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ. وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوسوسة؟ فقال: "تلك محض الإيمان" [2]. فهو بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّ وَسُوسَةَ النَّفْسِ أَوْ مُدَافَعَةَ وَسْوَاسِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُحَادَثَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَمُدَافَعَةُ الْوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَاسْتِعْظَامُهَا صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَمَحْضُ الْإِيمَانِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ, ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ، سَوَّدُوا الْأَوْرَاقَ بِتِلْكَ الْوَسَاوِسِ، الَّتِي هي شكوك وشبه، بل سَوَّدُوا الْأَوْرَاقَ بِتِلْكَ الْوَسَاوِسِ، الَّتِي هِيَ شُكُوكٌ وَشُبَهٌ، بَلْ وَسَوَّدُوا الْقُلُوبَ، وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ، وَلِذَلِكَ أَطْنَبَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَمِّ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ فِي الْقَدَرِ وَالْفَحْصِ عَنْهُ. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ" [3]. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حدثنا داود ابن أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ، قَالَ[4]: فَكَأَنَّمَا تَفَقَّأَ فِي وجهه حب الرمان من الغضب،

[1] أخرجه مسلم "1/ 83" وكذا أحمد "2/ 456".
[2] رواه مسلم عنه، وأحمد "6/ 106" من حديث عائشة.
[3] متفق عليه.
[4] القائل هو المشاهد لغضب النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمعهم يخوضوا في بحث القدر، لما في الخوض به من مخالفة لما شرعه الله سبحانه.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست