نار))، ((فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان))، وفي الثواب ((ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان)) إلا آخر السورة.
ويظهر من آيات الأحقاف أن موسى - صلى الله عليه وسلم - كذلك مرسلٌ إلى الجن قال تعالى: ((وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)) [الأحقاف: 29 - 30].
واختلف الناس هل من الجن رسل، أم الرسل كلهم من الإنس؟
جمهور أهل العلم على أن الرسل من البشر، وأما الجن فمنهم دُعاة، ونُذُر، [1] قال تعالى: ((وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى)) وإذا صح وعلم بالوحي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرسلٌ إلى الجن، وموسى كذلك؛ علم أن إرسال الإنس إلى الجن يحصل به قيام الحجة عليهم.
واستدل أهل القول الثاني بقول الله تعالى: ((يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا)) [الأنعام: 130] فخوطب الجميع: الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم.
والجمهور قالوا: إن هذه الآية محتملة، وليست صريحة، والمراد من المجموع؛ لأن الخطاب للجميع.
والأمر في هذا سهل، والمقصود إن الجن والإنس كلهم مكلفون، وقد خلقهم الله لعبادته، وأقام الحجة عليهم، وكلهم منهم المؤمن والكافر، والصالح، والطالح.
والجن عالَمُ غيب وإن ظهروا للناس وتمثلوا بأشكال مختلفة، وهم [1] تفسير الطبري 9/ 561، ومجموع الفتاوى 4/ 234، وطريق الهجرتين ص 416.