فمن أهل السنة من قال: إنها ثبتت بالنص الجلي.
ومنهم من قال: إنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة.
ومنهم من قال: إنها ثبتت بالاختيارـ أي ـ: باتفاق الصحابة - رضي الله عنه - [1].
وقد جاءت أدلة تدل على أن أبا بكر هو الأحق بالأمر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال وهو في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -: «مُروا أبا بكر فليصلِ بالناس» [2] وكرره وأكده، وفعلا كان هو الإمام، ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يصلي بهم، فتقديمه في إمامة الصلاة فيه التنبيه على أحقيته بالأمر من بعده؛ لأن هذا هو الأصل، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان هو إمام المسلمين عموما وخصوصا؛ فهو إمامهم في الصلاة، وهو إمامهم في تدبير أمورهم وولاية شؤونهم.
ومن ذلك أنه أراد في مرض موته أن يكتب لأبي بكر كتابا، فقال لعائشة - رضي الله عنه -: (لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه، فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) [3].
وفي الحديث الصحيح: «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمته في شيء، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ ـ كأنها تريد الموت ـ قال: إنْ لم تجديني فأتي أبا بكر» [4].
وما ثبت في الصحيح: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلوٌ فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذَنُوبا أو ذَنُوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غَرْبا [1] منهاج السنة 1/ 486 - 526. [2] رواه البخاري (664)، ومسلم (418) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. [3] رواه البخاري (5666)، ـ واللفظ له ـ ومسلم (2387) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. [4] رواه البخاري (7220)، ومسلم (2386) من حديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه -.