وقوله: (وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان).
هذا تأكيد لما قاله أولا، فحب الصحابة من الدين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» [1]، فإذا كان هذا في الأنصار فالمهاجرون من باب أولى؛ لأنهم في جملتهم أفضل من الأنصار.
فإذا كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، ومن أسباب ذوق طعم الإيمان وحلاوته، فمن أفضل وأكمل وأعظم ذلك هو حب الصحابة رضي الله عنهم.
وقوله: (حب الصحابة دين وإيمان) يَرِدُ على ما تقدم [2] من تفسيره للإيمان؛ لأن الحب عمل قلبي، فمن قال: الإيمان هو: تصديق القلب وإقرار اللسان، أو قال: هو تصديق القلب، أو قال: هو المعرفة، فموجب قوله: أن أعمال القلوب فضلا عن أعمال الجوارح لا تدخل في مسمى الإيمان، فهذا الكلام يعارض تعريفه للإيمان؛ إلا أن تكون هذه العبارة على وجه المجاز؛ فإن المرجئة يقولون: إطلاق اسم الإيمان على الأعمال كما في النصوص المصرحة بذلك من باب المجاز، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الإيمان بضع وستون شعبة) [3] وعلى كل حال فما قاله الطحاوي في شأن الصحابة كلام حق عظيم رصين، بيَّن فيه مذهب أهل السنة والجماعة في أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتقادا وعملا. [1] رواه البخاري (17)، ومسلم (74) عن أنس - رضي الله عنه -. [2] ص 227. [3] تقدم في ص 227.