رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)) [الفتح: 18]، وقال تعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)) [الفتح: 29] إلى آخر السورة، ومن السنة ما جاء في الحديث الصحيح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم) [1] وفي الحديث الآخر: (خيرُ أمتي القرن الذي بُعِثتُ فيه) [2] وهم أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) [3].
ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) [4] ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيعة الرضوان: (لا يدخلُ النارَ أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة) [5] وجاءت نصوص تدل على فضلِ أعيان منهم؛ كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، والحسن والحسين، وثابت بن قيس بن شمَّاس [6]، وعكاشة بن محصن [7]، وغيرهم.
فالأدلة على فضلهم منها ما هو عام في جنس الصحابة، ومنها ما هو أخص من ذلك، ومن الأدلة على فضلهم وتفاضلهم قوله سبحانه وتعالى: ((لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا)) [الحديد: 10]، والمراد بالفتح: صلح الحديبية الذي عقده [1] رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. [2] رواه مسلم (2534) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. [3] رواه البخاري (3673) ـ واللفظ له ـ، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. [4] رواه البخاري (3007)، ومسلم (2494) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. [5] تقدم في ص 219. [6] تقدم في ص 219، تخريج الأحاديث الدالة على فضلهم. [7] رواه البخاري (5752)، ومسلم (220) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.