عليك) [1] لكن كل هذا لا ينافي الأخذ بالأسباب، ولهذا الناس بسبب الجهل، وعدم الاعتصام بهدى الله، اضطربوا؛ فمنهم:
من أنكر القدر، ونفى تعلق علم الرب وكتابه ومشيئته بأفعال العباد، وقالوا: إنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها.
وآخرون أخرجوا أفعال العباد عن مشيئة الله وخلقه وقدرته.
وآخرون أثبتوا القدر وأنكروا الأسباب.
ومن عُوفي من هذه الضلالات فليحمد الله.
فالذين ينكرون الأسباب يقولون: إذا شربت ورويت؛ فالماء لا له أثر في الري، وأكلك لا له أثر في الشبع، ولكن حين شربتَ وأكلتَ خلقَ اللهُ لك الشبع!
والنار إذا أشعلتها في الحطب، فليست هي التي أحرقت الحطب؛ لكن لما جاءت النار عند الحطب خلق الله الإحراق فيها!
فيكون قولك: (أحرقتِ النارُ الحطبَ) مجازا لا حقيقة!
وإنكار الأسباب قول مشهور عن الأشاعرة [2]. [1] تقدم في ص 182. [2] مجموع الفتاوى 8/ 128، والتدمرية ص 493، وشفاء العليل ص 188.